الأربعاء، 26 أكتوبر 2022

الجيش المصري و شعبه (30)

 

الجيش المصري وشعبه

-البداية

(27)

"طُوفُوا فِي شَوَارِعِ مِصْرَ وَفَتِّشُوا فِي سَاحَاتِهَا، وَانْظُرُوا هَلْ لاَ يَزَال هُنَاكَ عَامِلٌ بِالْعَدْلِ أو طَالِبٌ للْحَقِّ فَأْجْعَلُهُ أُمْثُولَة وَعِبرَةً تَتحَدثُ عَنهَا الصُحفُ والمجَلاتُ؟ وَهَلْ لاَ يَزَالُ الفُقَراء والمسَاكينَ وَالغَلابةَ يَئنونَ وَيولولونَ مِنْ ضِيقِ المَعيشَةِ فأْرفعُ لهمْ أسَعارَ الأَرُزَ والسُّكرَ والزَّيتَ؟ وَأخْبِروني إِذَا تَوقفَ -وَلو لَلحَظاتِ- الشّيَوخُ وَالقسَاوِسَةُ وَالمَلاحِدَةُ عَنْ التَهْليلِ وَالتَسْبيحِ بِاسْمي فَأُخْرِجُ لَـهُمْ الإِسْطواناتِ المُخلِّة مِنْ الأدْرَاجِ؟ وَاعْلمُوني إِنْ وَجَدْتمْ بَينَ الفَنَّاناتِ وَالرَاقِصَاتِ وَالعَاهِراتِ مَنْ لاَ يَعْتقِدُ بِي رَبّاً للجَيشِ والجُنودِ فأُجْلسهُنَّ وَاقِفَاتِ بالكُلُوتِ عَلىَ الخَازُوقِ؟"

الإصحاح الثلاثون من سفر الشئون المعنوية


 

"الراقصة الشريفة" هذا المُصطلح المُتناقض كُنّا قد رأيناه من قبل حين حاولنا أن نوصّف العتاهة المُصاب بها المصريين(1) وقلنا أنه يتم حل تناقض أمثال تلك المُصطلحات من خلال إعادة تعريف أحد طرفي التناقض؛ فالرقص ينتقل من خانة الخلاعة والمُجون ليُصبح "مهنة شريفة" أو "فلكلور شعبي" أو حتى "فن راقي"؛ و الشرف - فيما يخص المرأة- يُعاد تعريفه ليصبح ليس له أي علاقة بالعفة وصيانة النفس والجسد من ألسنة وعيون الآخرين؛ بل لتُثبت المرأة "شرفها" - طبقا للتعريف الجديد- وأنّها لا تُنافق المجتمع الذي تعيش فيه يكون عليها أن تتعرّي، وكلما زادت المرأة من المساحة المُستعدّة لتعريتها كُلما صعدت درجة في سُلم الشرف؛ وأنّ التطبيق العملي الحقيقي لـ"استقامة المرأة" هو أنْ تُتيح جسدها لراغبي المُتعة سواء بأجر أو لمجرد "اللذّة المُتبادلة". ولكن إذا أردت أنْ تصك وتنشر وتُبشّر بالتعريف الجديد يجب ألا تكون عملية إعادة التعريف هذه بشكل واضح فج؛ بل يجب عليك صياغته في مجموعة من القصص الدرامية الشيّقة والتي من خلالها تُقدم نموذجك المثالي الاستثنائي لـ"الراقصة العارية الشريفة" في مقابل نموذج المرأة المحتشمة التي تدّعي العفّة والشرف لكنها في الخفاء تُمارس الدّعارة!!! ورغم أنّ كلا النموذجين" استثنائي" ولا ينفيان قاعدة أن كُل الراقصات داعرات -بحكم التعريف و "طبيعة المهنة"- إلا أن البهائم التي تسمعك وتُشاهدك وتُتابعك لن تخرج من تلك القصص إلا بما تُريده أنت وهو أنّ الراقصة "أشرفّ" من تلك المُدّعية للشرف، ومع الوقت والتكرار والإصرار لن تجد صعوبة في النهاية أنْ تُقنعهم بأنْ الراقصة "أشرف من كُل شريفة". وبهذه الطريقة تستطيع أنْ تحوّل أي مُصطلح مُتناقض إلي مُسلّمة من المُسلّمات بل تستطيع أنْ تحوّله لبديهية التي يستحيل بعد ذلك بيان تهافتها وتناقضها في مجتمع يُمارس فيه حُكامه ونخبته وعلمائه وشيوخه وقساوسته وملاحدته وعوامه "الرقص الشريف".

 

 إن كان من الممكن تفهّم السبب وراء أمثال تلك المُصطلحات المتناقضة التي يتم ترويجها من قِبل السُّلطة -لما فيه مصلحتها- من أمثال مُصطلح "المُسلم المُلحد" ويُقصد به المُسلم "المُطيع" الذي لا يسمع إلا لأوامر ونواهي الحاكم ولا يُسبّح إلا بحكمته ودهائه ولا يسجد إلا لجيشه وزبانيته؛ المُسلم المُستعد دوماً للبحث والتنقيب في بطون كُتب الأحاديث والتفاسير لكي يُثبت تناقض وخُرافية الإسلام. أو مُصطلح "المسيحي المُوحّد" وهو النُصراني "الخروف الضال" الذي يرى في الحاكم "الراعي الصالح" صورة من صُور تجسد (يسوع)، والذي يُصلي صلاة باكر وصلاة نصف الليل على أنغام ترنيمة "تسلم الأيادي" ؛ النُصراني الذي يُقدم نفسه طواعية لكي يُبصق عليه ويُشتم ويُصفع ويُصلب تكفيراً عن خطايا الحاكم وجيشه. أو مُصطلح "المُلحد المؤمن" ويقصد به المُلحد الذي لا يعبد ولا يسجد لصنم إلا "صنم الوطن"، الذي لا يرى لأي كتاب قداسة أو احترام إلا الكتاب الذي بين دفتيه "الدستور"؛ المُلحد الذي لا يؤمن بالغيب ولا بالحياة الآخرة ولكنه يتمنى أن "يُخلّد شهيداً" بالموت في سبيل الوطن. أو مُصطلح "القاضي المرتشي النزيه" أو "الشُّرطي المُجرم البريء" أو "ضابط الجيش القاتل الشهيد" أو "الرئيس الأهبل المُلهم" أو "المُفكّر النطع الامعة المُستنير" أو "لاعب الكرة المُتخلف عنوان الانتماء والفخار" أو "رجل الاعمال الحرامي الرأسمالي الوطني" أو "الإعلام الطّبال المُضلِّل الوطني الهادف" أو" المواطنين الأمنجية الشُرفاء" أو " الشعب الطبّال الرّقاص العظيم" أو" الوطن الخرابة المحسود المحروس" أو "مشخخة الأزهر الشريف" أو "مبولة الكنيسة الوطنية" أو" انتصار أكتوبر الهزيل المجيد" أو "الجيش الأبيض-الأطباء- النصّاب الخيّر" الذي يُستخدم لنهب الأموال تحت غطاء جمع الزكاة والأعشار والأخماس والصدقات والتبرعات -ولو بجنيه- لعلاج قلوب وأكباد وشُروج الفقراء والأطفال ومكافحة كورونا وطفراتها الشريرة وحصار الطاعون وجدري القرود والإيبولا والقضاء علي الأمراض المستخبية والمُستعصية والسرطانية. فإنْ أمكن فهم هذا كُله فإنّ العسير على الفهم هو أنْ تجد المُعارضين للسُّلطة يروّجون بدورهم لكثير من المصطلحات المتناقضة التي ليس فقط لا تخدم مصلحتهم ولكنها تصُب -ليس في مصلحة المواطن- في مصلحة السُّلطة التي يقولون إنهم "ثائرون" عليها؛ كمُصطلح "شرفاء الجيش الغير شريف" أو "جيل أكتوبر الخائن العظيم" أو "شيخ الأزهر المُعرِّص المُدافع عن "دين الدولة" الوسطي المرن البضّ" الملظلظ" الشهيّ" أو " الرئيس الأهبل الشهيد" أو "جنودنا القَتَلة الشُّهداء الغلابة" أو "الشيخ الجاموسة المسجون المُناضل" أو "الناشط البغل المُعتقل الثائر" أو "المواطن الجحش الفاهم الواعي" أو "الشعب الجبان الذليل المُسالم الغلبان" أو "المقاول الحرامي المُعارض" أو "المُناضلة الحُرّة العاهرة صاحبة الأسرار والفضائح" أو" لاعب الكرة الجاهل ساحر العقول وأمير القلوب" أو" الوطن الزريبة العزيز الغالي" أو "الثورة السلميّة" أو "لا للعنف ضد عنف الجيش" بحجة أن هذا سيؤدي لأن يفقد الشعب ثقته في جيشه، الذي ينهبه ويهدم بيوته ويُصادر ويبيع أراضيه ويسجن ويقتل أبنائه، و"فقد الثقة" هذا قطعاً سيفتك -اللهم احفظنا- بتصوّر الجيش لنفسه كجيش وطني؟!!! أو "الإعلام المُعارِض الوطني التوعوي" الذي يقتات على ترويج برامج وأخبار و"تسريبات" وفضائح وبلالين اختبار السُّلطة، الإعلام الذي يُصبّر "جمهوره" بالعظات والقصص والحكاوي والحوادث ويحكي لهم عن الدروس والأفكار والخطط" المُبدعة" المُخدِرة.

تناقضات

إن انتابتك الحيرة والتعجب والدهشة من قدرة السُّلطة و" مُعارضتها" علي انتاج هذا الكم من المُصطلحات المُتناقضة التي يتوه فيها المنطق وينتحر بسببها العقل؛ فقد تُصيبك الصدمة والفالج والسكتة حين تري قدرة تلك "الأمخاخ" علي الابتذال والتسخيف؛ فأصبح بمجرد أن تأتي تلك الأمخاخ -أياً كان السياق- علي ذكر الحق والخير أو العدل والأمانة أو الصدق والشرف والاستقامة أو الدّين والتديّن أو الجهاد والشّهادة أو الصّبر والحكمة أو الشجاعة والكرامة أو… أو… يكون هذا مُسبباً للملل والقرف وداعياً للاستهزاء والسُّخرية؛ لأنهم جعلوا الحق مُرادفاً للباطل المحض واعتبروا الخير اسماً من أسماء الشّر وفسّروا العدل بأنه الظُلم الأعور والأمانة خيانة بضمير والصدق الكذب المُرتّب ورأوا الشرف في أن تُظِهر العُهر وحسبوا الاستقامة التنزّه عن كل فضيلة؛ أمّا الدّين فـ"علاقة سرّية" بين العبد وربه لا ينبغي لأحد أنْ يعرفها أو يطلع عليها، والتديّن هو افشاء لسرّية تلك العلاقة مما يُعد حقارة وخيانة وتجارة؛ والجهاد لم يعد يُذكر إلا مقرونا بالكذب المُفتري الذي أطلقوا عليه" جهاد النكاح" التي لا يُرددها إلا "المُسلم المُلحد" السابق ذكره، والشّهادة كُتبت علي أنصاب وقبور وصكوك لا تُمنح إلا لـ"حُماة الوطن" ومُعرّصينه، والصّبر ليس إلا البلادة وانعدام النخوة والاحساس والحكمة لا تكون في وضع الأشياء مواضعها فهذه سذاجة ورعونة وتهوّر؛ ولكنّها في تجنّب وتجاهل تلك الأشياء، والشّجاعة هي أن تتحمل صفعات وركلات الأيدي والأرجل التي تمتد لقفاك ومؤخرتك بثبات وجَلد وأمّا الكرامة فهي أن ترفع رأسك شامخاً فوقاً والأخرون يلعبون ويغتصبون "مصلحتك". وبقدراتها العجائبية هذه استطاعت تلك الأمخاخ أنْ تجعل "حَسبي الله ونِعْمَ الوكيل" الشّعار المُفضّل للأذلاء والجُبناء والعجزة، وصنعت من "مَنْ ضَربك على خَدك اﻷيمن فحوّل له الآخر أيضاً" قناعاً لتُداري ذِلتها وجُبنها وعجزها، وحوّلت " أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم" إلى النشيد الوطني للأنطاع والمُعرّصين، وأفتت أنّ مجرد "خلع" الملك أو الحاكم الخائن العبيط الفاسد أو العرص الأهبل الساذج الذي قتل ونهب وأجاع وأفقر الناس أو الذي تغاضي وعَرّص وتآمر واستهبل هو "كُفر بأنعم الله"؟!! وعقاب هذا مزيداً من القتل والنهب والجوع والفقر مُحتجين بقول تعالي حين ضرب مثل "القرّية الآمنة المُطمئنة"؟!!! فـ" الأمن" في مفهوم هؤلاء هو عيش الجُبن والذّلة، و"الطمأنينة" في التسليم والرضا بالجوع والفقر والقتل والنهب والسرقة.

القرية الأمنة

لكن كيف لتلك الأمخاخ هذه "البراعة" في إنتاج وتصديق وتكرار تلك العتاهات المُضحكة؟! - أولاً: قُلنا سابقاً (2) أنّ تلك الأمخاخ لديها قدرة هائلة على التسخيف والابتذال تستطيع بها أنْ تُسخّف وتبتذل أي اقتباس أو مبدأ أو مثال أو قيمة عن طريق نزعها من سياقها ووضعها في سياقات جديدة مُغايرة مُناقضة حتى تمل وتئن الآذان من سماعه وتنفر وتشمئز العقول من تكراره كوسيلة لتحطيم الحد الفاصل بين الحق والباطل وبين الشرف والعُهر و بين الصدق والتعريص وبعدها يكون من السهولة أن تُزيل خراء الباطل بثياب الحق وتُلطّخ الحق بخراء الباطل. وثانياً: أنّ تلك الأمخاخ قد استطاعت أن تصل لحدود -ولاتزال تتوسع- من التّسفّل والسّفالة والسّطحيّة والتفاهة والتي كان يُعتقد استحالة الوصول إليها، الأمر الذي يُمكّنها بسهولة أن تصل وتؤثر في"الجماهير العبيطة العريضة" والتي تتلقى تلك العتاهات وتعتنقها وتعتبرها "حقائق خالدة". ومثال علي ذلك فلنأخذ أحد "المبادئ الأخلاقية"-وقد رأيناه سابقاً- التي أنتجتها واستخدمتها للدفاع عن الداعرات والعاهرات والمُعرّصين والفسدة؛ فلو جَرؤتَ علي توصيف فعل داعر أو داعرة أو أنزلتَ حُكماً علي راقصة أو عاهرة أو عَرَّضتَ بفاسد أو مُعرّص أو مُعرّصة ستجدهم يقيئون في وجهك قائلين "مَنْ كان مِنْكمْ بلا خطيئة فليرمها أولاً بحجر" مُعتقدين أنّ هذا القئ هو الحل لكل مُشكلة. ولو أنصفوا لوقفوا في صفّك وتبنّوا رأيك؛ لكنك تراهم قد ناصبوك الكُره والعداء وعكسوا الأدوار فوضعوك أنت في موقف الدفاع وهدفاً للشتم والنقد والاتهام ورفعوا التعريص والدعارة والعُهر إلى مقام الصدق والشرف والفضيلة!! وكأنهم -بداية- يقولون أنّه بما أننا كُلنا "نخطئ" فلم يعد هناك أي معنى للشرف ولا الصدق والاستقامة فهم مساوون للعهر والتعريص والدعارة. وثانياً بعد أن يساووا بين النقيضين يرفعون الطرف الثاني إلى مقام" المُثل العليا" التي علينا أن نعتنقها ونُقلدها ونحتذيها لأنها أكثر تعبيراً واتفاقاً مع طبيعة النفس البشرية، ويهبطون بالطرف الأول إلي الدرك الأسفل من التخلف والنفاق والغباء الإجتماعي والتي على الجميع التخلص منها وتجنبها وتحاشيها. 


ولكي نرجع إلي أصل هذا "المبدأ" فعلينا أن نتخيل أننا الآن في وسط مجموعة من عوام اليهود في زمن (يسوع) حين أحضروا إليه المرأة الزانية والتي بحسب الشّريعة تُرجم حتى الموت بالحجارة، وقد ألححنا عليه بالسؤال عن ماذا علينا فعله معها أنُطبق الشريعة أم له رأي آخر مُخالف، فكانت إجابته - بعد صمت طويل- تجمع بين الذكاء والعبط فمن ناحية لم يُعطّل الحد لكنه في نفس الوقت جعله لاغياً بإضافته شرطاً لا يمكن استيفاؤه. ويعتمد (يسوع) دائما في ردوده على الوقوف في منطقة رمادية كي لا يُمكّنْ مُنتقديه من الإمساك به بـ"الجُرم المشهود"، فلا يستطيع من يسمعه -لأول مرة- أن يحكم إن كان مُحبّاً للشّريعة أو كاره لها، وإذا ما كان فعلاً هو المُخلّص أم الدّجال. وإن كان هذا "التكتيك" بالوقوف في المنطقة الرمادية قد ينجح في الخداع والمراوغة -خصوصاً مع الجماهير العبيطة- إلا أنّ الاعتماد عليه وحده حتماً سيؤدي في النهاية إلي السقوط والتناقض؛ وعلي ذلك لم تصدمنا أو تخدعنا إجابته تلك ولم ننصرف ونتركه وحيداً مع تلك الزانية -كما يروي الإنجيل- بل انتظرنا لنرى ماذا سيفعل معها فسمعناه يقول لها أنه لن يحكم عليها وأوصاه ألا تعود وتخطئ ثانية. فأدركنا حينها تهافت وتناقض منطق (يسوع) لأنه إمّا أنْ يكون "حمل وديع" بلا خطيئة -مع استبعاد كونه "إلهاً"- فكان عليه أن يرجمها طبقاً للشرط الذي وضعه بنفسه، أو أنه انسان يخطئ مثلنا ويكون وضعه للشرط ناتج عن عمد ووعي لتعطيل حدود الشَّريعة ويدخل حينها تحت بند الكُفّار المُهرطقين، أو ناتج عن هوى وجهل لكي يبدو أمام عوام اليهود بمظهر المُخلّص الرحيم، ويكون حينها مجرد كذّاب مُدّعي؛ وما يؤيد هذا أننا نجد (يسوع) من جانب يُدافع عن "المرضى" الجُباة والخُطاة والزُناة ويُمنّيهم ويَعدْهم بـ"ملكوت السماء" ثم نجده من الجانب الأخر  يُهاجم "الأبرار" حملة الشَّريعة وشيوخها والمُدافعين عنها ويتهمهم بالجهل والعمى والرياء ويتوعدهم بالويل والهلاك في الجحيم.

 

 إنّ الأمخاخ المصرية سواء كانوا مؤيدين للسُّلطة أو مُعارضين لها تعتمد علي نفس تكتيك (يسوع) للخداع والمراوغة وقلب الموازين وتعمية الحقائق لتيقنها أنّ مَنْ يُتابعونها ويسمعونها ويصدقونها ليسوا إلا مجموعة من "الكنب والكراسي" ولذلك هي لا تحاول حتى اخفاء هبلها وتفاهتها وتهافتها وتناقضها بل وقد "تتفشخر" وتتباهي بهذا وتعتبره "ذكاء وعبقرية"، ونتيجة لهذا تجد المُجتمع الذي تعيش فيه تلك الأمخاخ مثال للتناقض والتفاهة والسطحيّة، مجتمع يستطيع فيه الأهبل والعبيط أن يكون قائداً للجيش أو رئيساً للجمهورية ويُعيّن فيه الشّيخ العرص شيخاً أكبر أو مُفتيّاً للديار المصرية، والفنانة العاهرة تُقدم كقدوة حسنة، وتُختار الراقصة الداعرة كأُمَّاً مثالية؛ مجتمع  فيه كل شئ  بـ"المقلوب" حتي الزمن يبدو داخله كأنه يتحرك للخلف … لكن قبل أن يجرفنا نهر الزمن للوراء دعنا  نتوقف عند هذا الحد ونُكمل – إن شاء الله- المرة القادمة.

***************************************************************************

(1) الجيش المصري وشعبه (19)

(2) الجيش المصري وشعبه (28)