الأربعاء، 16 ديسمبر 2015

‏25 يناير .. الثورة المغدورة أم الثورة العبيطة؟!!

‏25 يناير .. الثورة (*) المغدورة أم الثورة العبيطة؟!!



تقترب ذكري 25 يناير, وككل عام منذ بدايتها في 2011 يبدأ الإعلام المصري في عزف أُنشودته المفضلة عن الهجوم المحتمل من قبل فضائي المجرة التي أكلها الحقد لتقدم وإزدهار مصر ,فقررت غزوها وتدمير جيشها و تفكيك شُرطتها وتحطيم قُضَاتِها وإعلاميها، ويتسابق الإعلاميون في التفنن في شكل الهجوم وطبيعته فهذا يقول بأن الهجوم سيكون فجر يوم 25 , حيث سيبدأ من كوكب المريخ وسينتهي في قلب القاهرة الساعة السادسة صباحا بالتوقيت المحلي , حيث ينوون السيطرة علي القصر الرئاسي للسيطرة علي منابع النيل!!! .... نعم منابع النيل، فالفضائيون يعانون من جفاف حاد وقد وصف لهم طبيب ماء النيل كدواء... وآخر يقول أن حماس -نعم حماس التي لم تترك شئيا تفعله للتزلف للنظام المصري وإرضائه- سوف يدخل مقاتلوها عبر سيناء لفتح السجون لاحداث فوضي عارمه في مصر.... والنظام المصري مدرك تماما أن كل ما يقوله -عبر إعلاميه- ما هو الا خرافات وخزعبلات ولكنه لا يريد أن يترك شئ للصدفه فلابد من أخذ الاحتياطات اللازمة بإلقاء أكبر قدر من القنابل الدُخانية لكي يمر هذا اليوم بسلام .

علي الجانب الآخر نجد من يدعون للخروج و "الثورة" مغيبون تماما ، غير مدركين أن معادلة الصراع قد تغيرت وأنه ما عاد يُجدي لا تظاهر ولا يحزنون،  ولو خرج بدل مئات الآلاف الملايين فلن يُجدي ذلك نفعا،  فلا هم لديهم أي تصور عما يريدونه ، باستثناء شعارات جوفاء فقدت كل معني من كثرة ابتذالها ، ولا هم عندهم  تصور لكيفية إدارة الصراع مع نظام عميل خائن لن يتورع عن قتل الملايين لكي يبقي،  ولا يغرنكم أنه إلي الآن لم يقتل إلا بضعة آلاف فقط،  فالصراع طويل وهو يدخر قوته إلي حين لا يكون هناك مفر من استخدامها،  فإن كان النظام المصري ذكي فهو في شئ واحد فقط , هو أنه استطاع أن يكبح جماح إستخدام آلاته العسكرية في مواجهة مباشرة لقمع الثورة ،  الأمر الذي جعل أمامه فرصه للمراوغة وكسب الوقت والإلتفاف في النهاية والعودة من حيث بدأ.

الحقيقة لابد من الاعتراف استطاع النظام أن يلتف ببراعة علي الثورة بأقل الخسائر الممكنة،  ولولا ظهور ولاية سيناء التي قلبت الطاولة رأسا علي عقب،  لكنت قُلتُ أن النظام انتصر انتصارًا ساحقاً. السبب الأول والأخير في براعة النظام هو عبط وبلاهة المصريين , فككل شئ يلمسه المصريون يتحول إلي تراب ، خذ أية قيمة أو هدف نبيل أو مبدأ واجعل المصريين يعتنقونه ، لتجده بعد ذلك مشوهاً دميماً حقيراً تأنف النفس من منظره،  وقد كانت الثورة مثالا حياً علي ذلك، فالثورة تحولت من كلمة تحمل معاني القوة والفوران والانتقام والتدميروالتغيير ، إلي هتافات وشعارات،  إلي لافتات تُرفرِف و أصابع ترفع،  تحولت إلي استعراضات وكرنفالات،  إلي اشتباكات بين حاملي الطوب و الخل في مواجهة مدرعات و بنادق، ولقد كان تكرار تلك المشاهد هو دلالة قاطعة علي بلاهة المصريين وغبائهم،  فرغم قيام الجيش والشرطة بارتكاب المذابح واحدة وراء الآخري لم يُجدْ هذا نفعا في أن يجعلهم يفكرون فيما يفعلونهم بل كانوا يصرون أكثر و أكثر كأنهم يخافون أن يفكروا فيخسروا بذلك تميزهم ... أن يخسروا بلاهتهم.

لقد تحولت الثورة علي أيدي المصريين إلي كوميديا سوداء حيث تجتمع البلاهة والعبط و الغباء مع الموت والاغتصاب والسجن ، حيث يعاقب المجني عليه بواسطة الجاني لأنه تجرأ علي تذكيره بجريمته. حيث يكون كلا من القاتل و المقتول  شهيدًا ، حيث يريد الشعب اسقاط النظام ما عدا الجيش والشرطة والقضاء .... يا أمة ضحكت من عبطها الأمم وهل النظام المصري إلا هؤلاء!!

لم يعد هناك مكان لثورتكم العبيطة ، فلا تلوموا إلا أنفسكم فلقد جاءتكم الفرصة تلو الآخري لكي تستعيدوا كرامتكم المسلوبة،  و تنتقموا لاعراضكم المنتهكة ولكنكم تعاميتم  و صممتم آذانكم عنها .ولكن من رحمة الله بنا،  أن ظهرت الدولة الإسلامية ، لتكون منارة لكل ضال عن الطريق،  لتكون مرشدًا لكل طالب حق،  لتكون يدًا باطشةً لكل ضعيف مظلوم،  لتكون أملاً لكل يائس مقهور.

لم يعد هناك إلا طريقا واحدا هو الطريق التي تسير فيه الدولة الاسلامية ، وهو طريقا ليس مفروشا بالورود و الرياحين , بل بالأشواك و الفتن , لكن في آخره نصراً وفتحاً بإذن الله , فمن أراد اللحاق بالركب فلينبُذ عنه جهالات الماضي، وليذكر فضلُ الله عليه إذ أخرجه من الظلمات إلي النور، فالكثيرون قد ضلّوا الطريق , وآخرون فضلّوا الضلال علي الهُدي , كبراً و حسداً من عند أنفسهم , فدعهم في غيّهم يَعمهون.
-------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
(*) لستُ هنا في موضع جدل هل كانت 25 يناير ثورة أم إنتفاضة أم هوجة أم مؤامرة عالمية كونية ..لتكن ما تكون . فلندعها ترتاح في قبرها ولنطلق عليها ثورة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

..إنْ أردتَ أنْ تكتب تعليقاً مُفيداً ففكّر ثلاث مرات، مرة قبل كتابته ومرتين قبل أن تضغط زر إرسال