الاثنين، 11 يناير 2016

رقعة الشطرنج.

رقعة الشطرنج.



جزء مهم في الصراع مع عدوك هو مدي قدرتك علي التنبؤ بخطواته، والتنبؤ هنا ليس رجماً بالغيب ولا قراءة للطالع ولكنها قراءة مستندة علي تحليلك لقدرات العدو المادية ودراستك لاساليبة وحيله و درايتك بدوافعه وأهدافه،  وخبرتك ببنيته الشخصية وتكوينه النفسي،  فالأمر أشبه بلعبة الشطرنج،  ففي دقائق يستطيع أي أحد -بشرح بسيط- أن يعرف ما هي وظيفة كل قطعة وأن يتعلم كيف تتحرك،  ولكن الأمر قد يستغرق سنوات ليصبح قادراً علي اتقانها،  فالامرلا يتعلق فقط بمعرفتك لخطط معينة، وتكتيكات محفوظة،  فهذا فقط سيجعلك تتفوق علي المبتدئين ممن تعلموه حديثًا،  أما المتمرسين فغالبًا لن تنفع معهم كل تلك الخطط فهم مثلك يحفظونها عن ظهر قلب،  ولكن تفوقك الحقيقي يبدأ من فهمك لشخصية خصمك هل هو من النوع المغامر, أم المحافظ التقليدي؟ هل هو ممن يملّون بسرعة أم له صبر أيوب؟  هل هو ممن يعتمد علي قطع معينة يفضلها في الهجوم واذا فقدها تنهار دفاعاته،  ام انه مثابر عنيد؟,  إدراكك لذلك يعطيك قدرة علي استغلال نقاط ضعفه لدفعه لارتكاب الأخطاء،  هذا علي المستوي النفسي،  ام علي المستوي العملي فلابد من اليقظة،  وان تدرك قبل ان تحرك قطعتك لماذا حرك هو تلك القطعة؟،  ما الذي يرمي إليه؟  و هل لو اني حركت قطعتي هنا،  فما الذي سيفعله؟  واذا حركتها هناك هل سيتغير رد فعله وماذا سيكون؟, ثم فوق هذا كله لا يجب أن يبدو عليك ما ينبئ عن ما يدور في داخلك،  فإن كنت تستعد لشن هجوم ومتوقع أن تفاجئه به فلا تبتسم ولا تظهر ما يشير لذلك، حاول أن توهمه بعكس ما تنوي فعله،   وإن كنت في موقف صعب ودفاعاتك علي وشك السقوط فلا تغتم وتظهر يأسك فقد يخطئ  وفي لحظة يكون هو مَنْ يبحث لملكهِ عن طريق للخروج الآمن.

هذا لا يعني أنك لن تخطئ،  فالتنبؤ -ككل فعل إنساني- به نسبة خطأ تزيد و تنقص حسب دقة البيانات و المعلومات التي بنيته عليها، لكن خطأك هذا أفضل ألف مرة من أن تظل واقفا منتظرا الخطوة التالية لعدوك.وبما أن التنبؤ يعتمد علي المعلومات -فبديهيا- لابد من التأكد من صحتها قبل كل شئ،  فقد يكون عدوك هو من "فبرك" تلك المعلومات وجعلها متاحة لك لكي تتجه في الاتجاه الخاطئ .فكما أنك تقوم بتحليل تحركات عدوك،  فهو أيضا يفعل معك المثل، وكما أن هناك صراع دموي بالإيدي ، فكذلك هناك مصارعة شرسة بالعقول.

الدولة الإسلامية في صراعها مع أعداءها إستخدمت أساليب ووسائل وتكتيكات حققت أهدافها في وقتها،  ولكنها الآن صارت محفوظة سهل التنبؤ بها وبالتالي فهي بحاجة للتطوير والتحديث ، فالدولة قد استخدمت تكتيك الصدمة والرعب بنجاح واستطاعت أن ترسم صورة لمقاتليها رائعة من حيث القوة والشراسة والاستبسال،  وحققت من خلال إصدارتها نشر الرعب في قلوب أعدائها بحيث أصبح الكابوس الذي يؤرق من يقاتلها أن يصبح "بطل" إصدارها التالي.

ولكن كثرة استخدامها قد أضعف مفعولها،  فالإنسان عموما حباه الله بقدرة هائلة علي التكيّف أي كانت الظروف المحيطة به ، ولكل شئ نقطة تشبع عندها يفقد الشئ المؤثِر قدرته علي التأثير مهما زدت من درجته،  ففي حالتنا حدث إغراق لإصدرات الدولة -وهذا كان مطلوب وقتها-  وشاهد الناس مشاهد الجثث وقطع الرؤوس وتفجيرها والحرق والإغراق والهدم... إلخ حتي حدث ما هو متوقع أن إعتاد الناس الأمر و صار شيئاً عادياً فالآن أصبحت وكالات الأنباء تتناقل تلك الأخبار كأخبار حوادث السيارات،  وهذا ليس تعمداً ولكن لأنه لم تعد مادة مثيرة جاذبة للأنظار فقد إعتادها الناس،  وهذا أمر شاهدناه عشرات المرات فمثلا الاعتداءت الإسرائيلية علي غزة التي لا تنتهي نجد أنه في بداية أي عدوان كل وسائل الإعلام تتناقل الإخبار لحظة بلحظة وتنقل الدمار والجثث والإستغاثات ثم بعد عدة أيام ورغم استمرار القصف وسقوط الضحايا من النساء و الأطفال وهدم البيوت يصبح الأمر مجرد خبر عادي ضمن نشرة أخبار التاسعة.

الإصدرات المرئية للدولة ليست أفلام للتسلية، ولكنها في نفس الوقت يجب أن تحوي بناء مترابط إذا جاز التعبير،  الأمر ليس مجرد عرض جثث ودماء وشيخ يلقي كلمتين تحذيريتين بل الأمر أبعد وأكثر عمقا من ذلك،  فالإصدرات هي الواجهة الإعلامية المرئية  للدولة . ومن أهم أهداف تلك الإصدارات(أنقل هنا كلام كنت قد قلته منذ بضعة أشهر):

1- إرسال رسالة الي مؤيديها ومناصريها بان الامر تحت السيطرة و نحن من نجاح الي نجاح .

2-إرسال رسالة إلي أعداءها باننا صامدون لم نتأثر, وأن ماترونه هو المصير كل من يفكر في الوقوف أمامنا أو قتالنا ,

3-كسب مزيد من التعاطف مع قضيتها والدعوة الي الإنضمام إلي صفوفها سواء كمقاتل او كمناصر.


من ناحية آخري نجد أنه حدث ما يمكن أن نسميه تدهوراً للمستوي الفني للإصدارت،  فالدولة أحدثت نقلة نوعية في الإعلام الجهادي المرئي بإصدراتها،  وإخراجها الفني،  فنجد مثلا إصدار " لهيب الحرب" والذي يعتبر "ماستر بيس" في هذا المجال غاية في الروعة شكلا ومضموناً ويمثل الذروة , في حين نجد أننا الآن في منحدر،  فالإصدرات علي كثرتها تكاد تكون تكرارا رتيباً بلا أي مجهود يُذكر مجرد نشيد في الخلفية،  صور متلاحقة لقتلي هنا وهناك، قائد أو مجاهد أو شيخ يقول كلمتين وانتهي.الأمر ليس بكثرة الإصدارات بل إن إصدار واحد لكنه معد بشكل جيد متماسك فيه رسالة ليس بالضرورة أن تكون مباشرة واضحة،  بل الأفضل حتي أن تُفهم دون أن تُقال ليكون تأثيرها أكبر و أعمق.

أعرف ما الذي تفكر فيه -أيها القارئ-  تقول أن الدولة الإسلامية ليست شركة لإنتاج الأفلام السينمائية ، وأنني لابد أن الأمر إختلط عليّ ، لا لم يختلط عليّ الأمر ، ولكن دعني أوضح لك، من أهم أسباب انتشار الثقافة الغربية وخاصة الأمريكية في منطقتنا هي الأفلام ، وأمريكا تستخدمها بشكل جيد لنشر قيمها و ثقافتها حول العالم،  وتنشر -من خلالها- رسائل ضمنية غير مباشرة تؤثر في المشاهد حتي دون أن يشعر. خذ مثلا فيلم مثل فجركوكب القرود (*)،  الذي يحكي عن أن هناك مجموعة من القرود يعيشون بقيادة رئيسهم - قرد مثلهم طبعا - يُدعي "سيزر" ، هؤلاء القرود نستطيع أن نقول أنهم ما زالو في سلم الحضارة الأول ، نتيجة لغاز استنشقوه فأدي لزيادة قدراتهم العقلية،  يعيش عل مقربة منهم مجموعة من الناجين من البشر يبحثون عن مصدر للطاقة ، بعد نفاذ البترول،  و بالمصادفة فحيث تعيش "جماعة القرود" هناك سد يمكن عن طريق اصلاحه و تشغيله أن يولد الطاقة التي يحتاجونها،  ولكن هناك عداوة بين جماعة القرود تلك وبين البشر،  وأي محاولة من جانبهم قد تتسبب في اشعال الحرب بينهم، المهم يحدث أن يتفق الطرفان علي أن يعيش كل طرف في منطقته بدون أن يتعدي أحد علي الآخر و أن يستخدم البشر ذلك السد الموجود في أرض القرود لتوليد الطاقة  للبدأ في استعادة مدنِيتهم و حضارتهم ، حيث أن القرود لن يستفيدوا من ذلك السد،  علي أن يترك البشر القرود يعيشون بالطريقة التي يريدونها بدون أن يتدخلوا في شئونِهم أو يفرضوا عليهم قوانينهم و طريقتهم في الحياة، ولكن هناك من بين جماعة القرود هؤلاء قرد يدعي "كوبا" الذي عاني الأمرين علي يد البشر  حيث تم تعذيبه و تشويهه ويسعي للإنتقام منهم  بأي طريقة فيحاول أن يُؤلب "شعبه" للإنتقام ومحاربة البشر الذي كانوا يسيئون معاملتهم ويستخدمونهم كفئران تجارب،  لكن "سيزار" "تربي" و "تعلم" بين " البشر"  ويريد "السلام" معهم ولا يريد الدخول في حرب سيخسر فيها الطرفان،  لكن هذا "الإرهابي " "كوبا" يستطيع أن يشعل تلك الحرب بين الطرفين ليروي نزعته الدموية الراغبة في الإنتقام والتي تريد أن تدمر كل ما حولها بما فيها "أبناء جنسه" ،في النهاية يتم قتل هذا "الإرهابي"  الذي تسبب في الوقيعة بين القرود و البشر علي يد "سيزر" نفسه.


هذا هو "ملك القرود" "سيزر" "رجل" مسالم،  بعد كل ما فعله البشر به لكنه يريد السلام .

أحد مشاهد الفيلم حيث يدخل سيزر علي "حريمه" ليري أحد زوجاته بعد وضعها لمولود جديد،  وماذا نري في الصورة،  أن "القردات" يغطين وجوههن ،  رغم أنهن لا يرتدين أي ملابس آخري.

هذا هو "الإرهابي"  "كوبا" ونري أن المصمم قد أضفي عليه كل آيات القبح والشر.

تلاحظ -بسهولة- الإسقاطات في هذا الفيلم علي الوضع الحالي، ما بين الغرب "المتحضر" (جماعة البشر) وبين الشعوب المتخلفة (جماعة القرود) ، و يطرح الفيلم حل لمشكلة الصدام بين الطرفين، فيقول لنتركهم يعيشون بالطريقة التي يريدونها ، علي أن نحصل علي بترولهم الذي تقوم عليه حضارتنا،  وماذا سيفعل أولئك القرود بالبترول علي أية حال،  لنعش في سلام ونقضي علي "الإرهابيين" الدمويين الذين لا هم لهم الا اراقة الدماء لاشباع رغباتهم المريضة.هذا هي الرسالة التي تقبع خلف كل ذلك الجو المبهر و"الأكشن" المثير .

وقِس علي ذلك،  ففيلم مثلا "300" الرسالة التي تقبع خلف كل الصيحات والدماء و المعارك ، هي الصراع بين الشرق الهمجي عبدة الألهة البرابرة الذين لا يحترمون الحياة الجبناء و بين الغرب الراقي المتحضر الذي لا يؤمن بالخرافات الشجاع الذي يقدس الإنسان , والقائمة طويلة لا تنتهي.هكذا يستطيع الغرب نشر ثقافته و قيمه ليس فقط بين "الأغيار" بل هكذا يستطيع أن يغسل دماغ أبنائه و شعوبه، سلاح فعال وقوي و مضمون.

 طبعا لا أحد عاقل في ظل تلك الحملة الشرسة يطالب الدولة الإسلامية بأن تصبح إصداراتها "آية" في البراعة والإتقان ، فالدولة عندها ما يكفيها من التحديات ، لكن أيضا لا يجب أن يتم التعامل مع الإصدارات باعتبارها مجموعة من الصور المتحركة .

إنّ النظر لمشروع الدولة الإسلامية ك "بضاعة" نريد تسويقها وهناك "مُستهلِكين" نرغب في أن يشتروا تلك البضاعة، ولكي ننجح في ذلك فعلينا وضع "الإعلانات" الجاذبة في كل مكان ونطارد المُستهلِكين حيثما حلّوا،  ونُكرر ونُعيد ونلح ونُجمِل ونُحسِن ونُرَغِب هي الرؤية الصحيحة والفعالة، ففي القرآن نجد كلمات البيع والشراء (**) والتجارة (***) في  فيما يتعلق بالإيمان والجهاد في سبيل الله والتضحية بالنفس والمال  فهذا لا يقلل ولا يُحقّر من مشروع الدولة الإسلامية ، فالبضاعة غالية ثمنية جنة عرضها السموات والأرض ، والثمن  رخيص حقير بضع سنين أرضية.هذه النظرة  ليست غائبة عن قادة الدولة الإسلامية بالتأكيد ، لكنها بحاجة إلي التطوير والتحديث لكي تكون أكثر قوة و تأثيراً.

نخلص من هذا أن سياسة الإصدارات تحتاج إلي تطوير ، أن يكون هناك إصدار واحد -إن أمكن- فقط يعطي صورة عامة عن الوضع الميداني و المعيشي لجميع الجبهات.   يقوم علي إعداه وإخراجه فريق عمل متخصص يعمل علي تجميع أحداثه في وحدة مترابطة  ، يصدر علي فترات متباعدة (مثلا كل شهر-شهرين) ، والإكتفاء بالتقارير المصورة للأخبار لحين صدور هذا الإصدار الشامل .هذا من شأنه أن يعيد للإصدارات رونقها و تأثيرها إذا أُخرِجت علي الوجه المطلوب ، وأُحكِمت فيه الرسائل التي يراد لها أن تصل للصديق وللعدو.

علي الجانب العسكري نجد أنه من ضمن أحد أهم نقاط تفوق الدولة العسكرية هو عدم تمكن أعداءها من التنبؤ بخطواتها، وكانت تمثل أُحجية صعبة الحل بالنسبة للعسكريين،  لكن مع الوقت - كما هو متوقع أيضا- إستطاع العدو التكيّف مع أساليب وتكتيكات الدولة العسكرية ، وانتقلت الدولة من حالة الهجوم إلي حالة الدفاع،  وإنتقلت المبادأة بأيدي أعداءها، طبعا كما هو معلوم للجميع فإن العقبة الكأداء(****) في سبيل تقدم الدولة الإسلامية هي الطيران،  فأعداءها يملكون الجو ويستطيعون من خلاله تغيير موازين القوي علي الأرض ، والحملة الآن علي الرمادي علي أشدها،  وبغض النظر عن مقدرة التحالف و كلابه السيطرة عليها،  المشكلة الرئيسية هو أنه سيكون الطريق إلي الموصل مفتوحًا، فالجيش العراقي وحشده الشيعي لن يجرؤوا علي مهاجمة الموصل إلا بعد السيطرة علي الأنبار ،  وهي فرصة ذهبية للتحالف لكي ينفذ مخططه الذي يعد له منذ فترة لهجوم مشترك لكل من الأكراد و الجيش العراقي علي الموصل،  والذي غالبا أنه سيكون مترادفا مع الهجوم الذي يحضر له علي الرقة.

الدولة الإسلامية أصبحت أمام عدو قد  تكيّف مع أساليبها، وأصبحت لديه القدرة -بشكل أو بآخر- علي التنبؤ بالخطوة التالية لها، نحن الآن أمام قوتان يعرف كل منهما الآخر تمام المعرفة،  واذا رجعنا لمثال لعبة الشطرنج حينما يتقابل خصمان - وبفرض تكافأهما في المستوي- قد لعبوا مع بعض عشرات المرات ويدرك كل طرف مميزات وعيوب خصمه،  فغالبا اللعبة بدل أن تأخذ ساعة أو اثنتين قد تمتد لساعات،  والأخطاء -وحدها- التي يرتكبها هذا الطرف او ذاك هي الكفيلة بترجيح فوزأحدهما.
 -------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
(*)القرود في هذا الفيلم خليط  من الشمبانزي و الاورانج تان و البونوبو و الغوريلا .
(**)(إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ )(التوبة-111)
(***)(إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ)( فاطر-29)
(****) الكأداء هي: ....... إبحث في جوجل بطّل كسل.
=================================================================================


ملحق



إضافة واجبة، أعتقد أنها مناسبة لموضوع التدوينة، بما أننا نتكلم عن إصدارات الدولة المرئية وأهميتها لنشر مشروعها وأفكارها، فبعد أن انتهيت من تلك التدوينة، فوجئت بأن هناك أُناس إكتشفوا سر خطير، هذا السر الذي سيُفاجئ البشرية، ويغير نظرتنا إلي التاريخ، لابد أن يحصل مكتشفوه علي جائزة نوبل وأن تُخلّد أسمائهم علي جدران المتاحف، أتعرف ما هو هذا السر؟ سأقول لك،لكن أطلب منك فقط إن كنت تعاني من أمراض القلب أو المرارة أن تُضاعف جرعة الدواء لتستطيع تحمل سماع هذا السر؛ لقد إكتشفوا يا سيدي الفاضل أنّ إحسان الفقيه "رقاصة وبترقص"!! معذرةً! أقصد عميلة وبتقبض فلوس، ومتناقضة وبتغير آراءها، وأنها تعمل لحساب لطواغيت!!!

طبعا القارئ الآن غالبا قد مات من هول الصدمة! !!

الحقيقة لم أعتقد يوما أنه من الممكن أن يكون الغباء مُبهرا،  أن تصبح السذاجة والتغفيل يوما ما بهذا القدر الهائل من الإبهار ، إن كم السذاجة و الغباء و التغفيل الذي تراه لكفيل وحده بأن يُفجّر مرارات وأحشاء وقلوب البشرية منذ خلق أدم.

بعد عشرات السنوات- ولا أقول قرون - من الخيانات والعمالات والمذابح ، ما زال هناك مغفلون يعتقدون أنه يوجد "محايدون" "موضوعيون" ، ولو قالوا أن هؤلاء المحايدون يعيشون علي القمر أو في المريخ بعيد عن جيوش وشرطة الطواغيت،  لكُنا التمسنا لهم العذر  في عدم قدرتهم علي اكتشاف زيفهم ،  ولكنهم يَعَملون - أيها المغفلون - في قنوات وجرائد الطواغيت،  يظهرون علي شاشات التي يديرها الطواغيت،  يعيشون آمنون ويقبضون رواتبهم من دول الطواغيت. الطواغيت الذين يراقبون و يتلصصون ويتحكمون في الهواء الذي يتنفسه شعوبهم،  تركوا هؤلاء "المحايدون" هكذا بلا رقابة يقولون ما يريدونه دون محاسبة،  مع أن خطرهم أكبر لأن جمهورهم أوسع و أكبر،  ومن المفارقات أن الغرب بكل وكالاته الإعلامية العريقة لا يوجد به محايد،  ويفترون الكذب ليل نهار علي الدولة الإسلامية ، و يفبركون الأخبار بشكل جعلهم موضع سخرية و استهزاء لكن هذا الغرب ترك لنا إعلاما محايدا وصحافة موضوعية وصحفيون مهنيون ورؤساء قنوات شرفاء  وسمح باستضافة المحايدون علي الشاشات و أفرد لهم الساعات وجعلهم يتكلمون بحرية وموضوعية ، و بعضهم يدافع بحرارة عن أهل السنة المظلومين ... حسنا ومَنْ ظلمهم؟!، و يَشجُبون الصمت المريب علي المذابح؟! هكذا  وماذا عن مَنْ ذبح وساعد علي الذبح؟ أليست هي تلك الدول الخائنة التي يتحدثون من علي منابرها الإعلامية العميلة؟!

يجب أن تسأل نفسك -أيها المغفل - هذا السؤال البسيط. لماذ يُترك هؤلاء ليقولوا ما تسميه أنت حيادية و موضوعية في الوقت الذي لو قاله أي شخص آخر لغُيب في السجن،  هذا إذا لم يقتل و هو في الطريق إليه؟, أتستطيع الإجابة عن هذا السؤال؟  أجبني بصراحة ..هل تعرف الإجابة.... أظن لا... و إلا لما أصبحت مغفلاً. قد يرد أحد المغفلين  ويقول و مالك أنت و مالنا،  كل واحد حر في رأيه ، أَرِح نفسك ووفر علينا كلماتك،  أرحنا من تُرّهاتك،  إنا لا نراك إلا مُرجِفاً مُرتَكِساً أو جاسوساً مندساً.

هكذا هي عادة المغفلين حينما يثبت تغفيلهم تراهم يُسارعون إلي إلقاء التُهم المُعلبة الجاهزة حتي في هذه فأنتم فاشلون ، ما أنا إلا مرآة ترون فيه سذاجتكم وغباءكم, فبدل أن تحاولوا وضع المساحيق لإخفاء دمامتكم،  تعتقدون أنكم بكسركم المرآة ستختفي دمامتكم وغباءكم وسخافتكم و تغفيلكم. هذه لن تكون المرة الأخيرة التي ستصدمون فيها من "محايديكم" ستكون هناك مرات و مرات ،فشكرا لحسن تعاونكم معهم و نراكم في عمليات آخري . فلتناموا قريري الأعين أيها الطواغيت فمحايديكم يقومون بعملهم علي أكمل وجه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

..إنْ أردتَ أنْ تكتب تعليقاً مُفيداً ففكّر ثلاث مرات، مرة قبل كتابته ومرتين قبل أن تضغط زر إرسال