الأربعاء، 17 فبراير 2016

مجلة دار الإسلام العدد 8 ترجمة من الفرنسية لمقال الدولة الإسلامية من كلمات أعدائها





هذه هي ترجمة الجزء الخاص بالدولة الإسلامية من كلمات أعدائها بمجلة دار الإسلام العدد 8 .في البداية هذا هو موقع المؤلف الذي نقلت عنه المجلة  هنا وهذا هو النص الأصلي الذي نقلته هنا . والمؤلف كما يُعرّف نفسه علي موقعه : هو محامي ,شغوف بالتاريخ العسكري , يكتب منذ 2009 عن الحروب المعاصرة التي دارت رحاها في منطقة البحر المتوسط كالحرب العالمية الأولي و الثانية أحدث مؤلفاته هو كتاب عن السيرة الذاتية للجنرال مونتغمري نُشر في 2014 . منذ 2011أثناء الحرب في ليبيا بدأ بمتابعة و تحليل الأحداث المتعلقة بالحركات الجهادية و بالأخص الدولة الإسلامية ,وأيضا الحرب في ليبيا و مصر و العراق و سوريا خصوصاً من الناحية العسكرية.

بالمناسبة  ذُكر-عَرَضاً- هنا كتاب كان قد صدرمنذ شهور و قال البعض أنه مزور وأن الدولة الإسلامية ليست لها به أي علاقة و هو كتاب بالإنجليزية عبارة عن تلخيص لمحاضرات ودروس تحت عنوان صناعة الإرهاب( دورة الأمن والاستخبارات )لأبي عبيدة عبد الله العدم ألقيت مُنذ سنوات وتم إختصارها و إعدادها تحت عنوان :" الإرشادات العامة للأمن و السلامة لمجاهدي الذئاب المنفردة و الخلايا الصغيرة".

لكن المؤلف ذكر أنه من إصدارات الدولة ولم تعلق إدارة تحرير المجلة علي نسبة الكتاب لها الأمر الذي يؤكد نسبته إليها و لذلك سأضع رابط الكتاب لكي تعم الفائدة.رابط الكتيب: هنا . 
=============================================================================
(1)


في هذا الباب من كلمات الإعداء ، تقدم لكم مجلة دار الإسلام دراسة نُشرت في موقع kurultay.fr بتوقيع سيدريك ماس، وكما هو الحال في كثير من الأحيان ما يعاني ذلك النوع من الدراسات برؤيته المتمحورة حول الغرب ،الأمر الذي تطلب من فريق إعداد المجلة إضافة بعض الملاحظات و التي لن تكون كثيرة، لكن رغم ذلك فالدراسة تستحق لأنها تُشير بأصابع الإتهام إلي ضعف النظام الفرنسي في حربه علي الإرهاب، هذا الضعف الذي سيقود -إن شاء الله- إلي القيام بعمليات آخري كثيرة في فرنسا.


التهديد الإرهابي لفرنسا في 2016

لقد أظهر عام 2015 ، وبداية 2016 أن فرنسا كانت هدفاً ذا أولوية للهجمات الإرهابية للدولة الإسلامية .لقد تعرفنا في ورقة بحثية سابقة عن ما هي الأهداف الإستراتيجية التي يسعي إليها هذا التنظيم حينما يُنفذ عملياته في فرنسا. فيجب الآن بعد ذلك أن ندرس بتفصيل أكبر تلك التهديدات، و تعدد أوجهها من أجل أن ندرك أن الإستجابة لها -والتي نُعارضها - يجب أن يتم تعديلها و دمجها في خطة شاملة.

1-فرنسا هدف مهم للدولة الإسلامية :

"فيا أيها الموحد (1) […] إذا قدرت علي قتل كافر أمريكي أو أوروبي وأخص منهم الفرنسيين الحاقدين الأنجاس أو أسترالي أو كندي أو غيره من الكُفار المحاربين رعايا الدول التي تحالفت علي الدولة الإسلامية، فتوكل علي الله واقتله بأي وسيلة أو طريقة كانت، ولا تشاور أحداً ولا تستفت أحداُ، سواء كان الكافر مدنياً أو عسكرياً فهم في الحكم سواء، كلاهما كافر، كلاهما محارب( المدني بطاعته لدولة تُحارب المسلمين) […] "(2)

ولذلك ومنذ إعلان هذا البيان في 22 سبتمبر 2014 لا تستطيع فرنسا أن تتجاهل أنها هدف ذا أهمية قصوي لهجمات الدولة الإسلامية. هذا البيان بالتالي علي درجة عالية من الأهمية لأنه يجسد تغيّر كبير في استراتيجية الدولة الإسلامية .

فحتي ذلك الحين، كانت الدولة الإسلامية تتميز عن غيرها من التنظيمات الجهادية الإرهابية كالقاعدة في أنها تُفضّل محاربة "الأعداء القريبين" (كالشيعة، و ملوك المنطقة، أو الحركات المسلحة الآخري المنافسة) عن أن تحارب " الأعداء البعيدين" (كأمريكا و أوروبا).(3)
-------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
(1)الموحد هو المسلم المؤمن الذي يُركز علي التوحيد، أي التوحيد المطلق في العقيدة الإسلامية.
(2) هذا الخطاب لابو محمد العدناني المتحدث الرسمي للدولة الإسلامية في 22 سبتمبر 2014 هنا
(3)"داعش تتميز أيضا عن فكر القاعدة المركزي في أن أولويتها معكوسة فلم تعد الأولوية لقتال العدو البعيد كالولايات المتحدة وحلفائها الصليبيين والدول الغربية، ولكن أولويتها لقتال العدو القريب أي الأنظمة العربية المحلية، التي تعتبر فاسدة وغير جديرة بالإسلام" في تقرير عن الشرق الأدني والأوسط ، المجلس الوطني، لجنة العلاقات الخارجية هنا.
=============================================================================


(2)

بعد هذا الخطاب في 22 سبتمبر 2014 قامت الدولة الإسلامية "بنقلة استراتيجية" بإعادة توجيه جزء من عملياتها لتستهدف الغرب و أمريكا , و بشكل عام كل الدول التي تعارضها واستهدفت بشكل خاص فرنسا(1).

مع ذلك، لم تكن إعادة توجيه العمليات تلك هي بالعودة إلي ما كانت تفعله القاعدة ، لكن كانت بطريقة مختلفة تماما، لأن الدولة الإسلامية لم تكتفي ببساطه بتهديد "عدوها البعيد" بالقيام بهجمات إرهابية ضده، بل أصرت منذ البداية علي الطبيعة العفوية و المنتشرة لتلك الهجمات.

ولننقل هنا جزء آخر من الخطاب السابق الذي بعيدا عن شكله الدعائي فهو يوضح تماما الطريقة التي تعتزم بها الدولة الإسلامية مواجهة الغرب:
"يا أيها الأمريكان و يا أيها الأوربيون إن الدولة الإسلامية لم تبدأكم بالقتال كما تُوهمكم حكوماتكم و يُصور لكم إعلامكم. أنتم مَنْ بدأتم الإعتداء علينا ، و البادي أظلم، وستدفعون الثمن غالياً، ستدفعون الثمن عندما ينهار إقتصادكم، وسوف تدفعون الثمن عندما ترسلون أبنائكم لحربنا و يعودون لكم معوقين عاجزين أو في التوابيت، أو مرضي نفسيين، ستدفعون الثمن عندما يخاف أحدكم أن يُسافر إلى أي بلد. بل ستدفعون الثمن في شوارعكم تتلفتون حولكم خوفاًمن المسلمين. ولا تأمنون حتى في غرف نومكم، ستدفعون الثمن عندما تنكسر حملتكم الصليبية هذه و نغزوكم علي إثرها في عُقر داركم، فلا تعتدون علي أحد' بعدها أبدا، ستدفعون الثمن وقد أعددنا لكم ما يسوؤكم. "
الدولة الإسلامية إذا تُهدد مرة بهجمات منظمة (" لقد أعددنا لكم...") لكنها تدعو بالأخص كل مناصريها أن يقوموا بهجمات بنفس الطريقة. وتُظهر هذه النقلة الإستراتيجية القدرة علي التفكير و قدرتها علي فرض نفسها بشكل إستراتيجي في المستقبل. لأنه في الوقت الذي ظهر فيه هذا الخطاب كانت الدولة الإسلامية مازالت في طور التمدد و التوسع، و من هذا التوقيت كان قادة الدولة الإسلامية يعدون العدة لرد الفعل من الأمريكيين و الأوروبيين، و قاموا بتكييف استراتيجيتهم لكي يُحيّدوا رد الفعل هذا، عن طريق توسيع نطاق الحرب بعيداً عن الأراضي الواقعة تحت سيطرتها.

هذا الخيار الذي إتخذته الدولة الإسلامية متسق تماما، وليس له علاقة لا بالفكر الجهادي، ولا بما يسمي "الشريعة" ولا بالعشوائية. فبإعادة نشر جزء من إمكانياتها لضرب الغرب مباشرة علي أرضه، تسعي الدولة الإسلامية هدف عملي مزدوج:


  • فمن ناحية تعمل علي شل القدرات العسكرية و الأمنية لأعداءها بعيداً عن أراضيها، من أجل تخفيف الضغط و تشتيت القوات التي تُحاربها.
  • ومن جهة آخري، تضرب تلك "المنطقة الرمادية"، التي يتواجد بها المسلمين وغير مسلمين، من أجل إستنفار المسلمين إلي خلافتهم التي تم إعلانها.

ولذلك تمثل فرنسا فرصة نجاح لتحقيق هذا الهدف المزدوج الأمر الذي يضعها في أولوية الأهداف لهجمات الدولة الإسلامية لأن فرنسا :



  •  أولا شاركت في الحرب علي الإرهاب الجهادي وتفاخرت بذلك وساندت بل و حتي حلّت محل الولايات المتحدة في تلك الحرب.
  • أن قدرات فرنسا العسكرية محدودة فلا تستطيع أن تواجه تهديد داخل أراضيها و في نفس الوقت القيام بعدة عمليات عسكرية خارجها. (2)
  • أن المجتمع الفرنسي يمر منذ سنوات بتوترات داخلية مرتبطة بأزمة متعلقة بشكل نظامها السياسي( الجدل حول العلمانية، و الهوية القومية)ومما فاقم الأمور سوءً هو الكساد الإقتصادي الشديد الذي يضرب المنطقة الأوربية منذ 2007-2008.
  • فرنسا من الدول التي بها جالية مسلمة كبيرة والمرتبطة بشدة بالعالم الإسلامي (شرقه و مغربه) ، هذه الجالية لم يتم اندماجها بشكل كامل في المجتمع الفرنسي.
  • وأخير فرنسا تمثل للجهاديين رمز خاص كعدو مشروع(بسبب علمانيتها، التاريخ المشترك مع العديد من الدول المسلمة، وكقوة إستعمارية سابقة.....)



فبمهاجمتها تستطيع الدولة الإسلامية زيادة تأثيرها في المحيط الجهادي وهكذا تنافس القاعدة في قيادتها لهذا المحيط. لكل تلك الأسباب فخيار إستهداف الدولة الإسلامية لفرنسا هو خيار واضح و منطقي.
-------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
(1)مجلة دار الإسلام :في الواقع، الإستراتيجية المتبعة من قبل القاعدة قد أظهرت قصورها فإذا كانت تسعي لجر الدول الغربية لحرب علي الأرض فإنها بالتأكيد غير مناسبة إطلاقاً ليناء دولة. فالولايات المتحدة كما أنها تم إضعافها خلال الحرب في كل من أفغانستان والعراق إلا أنها من الممكن أن تستمر في إستنزاف موارد الدول المرتدة لأن مصالحها في تلك الدول لم تتأثر إلا بشكل بسيط، وفي المقابل فمشروع الدولة الإسلامية أكثر نجاحا بكثير ويكفي أن تشاهد النتائج التي حققتها في وقت قصير. الملاحظة الثانية أنه كان من المناسب أن يذكر المؤلف أن تغير الإستراتيجية محل البحث والخطاب الذي سبقها، كانا نتيجة لتدخل فرنسا لقتال الدولة الإسلامية في سبتمبر 2014.
(2)مجلة دار الإسلام: لو كانت هذه الكلمات صدرت عن أفراد الدولة الإسلامية لتم وصفها بأنها بروباجندا، لكن بما أنها صدرت عن عدو للدولة الإسلامية فعسي أن تصل للشعب الفرنسي ليدرك أن قادته يسوقونهم إلي الدمار وأنهم هم من سيدفع الثمن باهظاً. الإعتقاد بأن فرنسا قادرة علي الصمود في حرب الدولة الإسلامية هو خطأ فادح، و التصور بأن هجمات كجمات 13 نوفمبر لن تتكرر معناه أنكم لا تعرفون عدوكم جيداً.
=============================================================================
(3)

2-إعادة نشر للأعمال الإرهابية للدولة الإسلامية ضد فرنسا:

مع ذلك فالدولة الإسلامية لم تكن في 22 سبتمبر 2014 تمتلك لا الشبكات ولا الخبرة اللازمة للقيام بهجمات كبيرة علي الأراضي الفرنسية، الدولة الإسلامية تمتلك الكثير من المناصرين الذين يستفيدون بشبكات التواصل حيث تم إستخدامها أولاً لتمويلها و للدعاية لها، و لتجنيد المتطوعين وإرسالهم إلي سوريا و العراق.

في الواقع إن تركيب و تكوين سلسلة من المُجَنِدين و المُهَربين إلي سوريا ليس كتركيب وتكوين خلية مُعدة للقيام بهجمات في فرنسا. بالإضافة إلي أنه قبل شهر سبتمبر 2014 لم نلاحظ إلا القليل من الهجمات (أو المحاولات والتي تم إحباطها) ذات الصلة بالدولة الإسلامية.

والأسوء من ذلك، أنه بقيام الدولة الإسلامية بتلك النقلة الإستراتيجية في سبتمبر 2014 قد وجدت نفسها تسعي لتحقيق غرضين متناقضين علي المدي القصير (1) :

  • أن تُجند وتجلب لها أكبر عدد من المجاهدين.
  • تُحَرِض علي القيام بعمليات إرهابية حيث يوجد المجاهدين.

في الحقيقة أن هذا التناقض سوف يُحل بفضل جهد دعايتها المتطورة الذي سيُمكن الدولة الإسلامية أن توفق بين هذين الغرضين المتناقضين. بما في ذلك توسيع نطاق الجمهور المُستهدف من تلك الدعاية من أجل الحد من الأثار الجانبية لذلك التناقض. فالهجمات إما أن يقوم بها الأشخاص الذين لا يستطيعوا الإنضمام إلي أراضي الدولة الإسلامية، وإما أشخاص فشلوا في الإنضمام إليها، وإما أشخاص عادوا منها بعد فترة من المكوث فيها، لكن ستظل الأولية هي في تجنيد المتطوعين للدفاع عن أراضيها. وسريعاً، ستزداد عدد العمليات الإرهابية المرتبطة بالدولة الإسلامية التي تجري في أوربا وبالأخص في فرنسا و الإحصاءات واضحة في هذا الجانب:

مخطط للهجمات أو المحاولات التي تم إحباطها من يناير 2011إلي 13 نوفمبر 2015 في أوربا (الأزرق) و في فرنسا (الأخضر) (حيث العمليات المرتبطة بالدولة الإسلامية في أوربا باللون الأحمر وفي فرنسا باللون البنفسجي)

عدد المحاولات الإرهابية زادت بشدة في أوربا و خاصة في فرنسا بدءً من سبتمبر 2014 هذه الزيادة هي نتيجة مباشرة للنقلة الإستراتيجية التي قامت بها الدولة الإسلامية والتي من تلك اللحظة وصاعداً هي المحرك الرئيسي لتلك المحاولات إلي أن نصل للنصف الثاني من 2015 حيث تكون هي وراء 100‰من الهجمات الإرهابية في فرنسا.

هذه الإحصائية ليست منعزلة ولا هي نتاج المصادفة لأنها صحيحة أيضاً فيما يخص استراليا، وهي دولة آخري تم ذكرها في خطاب 22/09/2014 والتي ستكون هدفاً لعدة عمليات، فبالنسبة لأستراليا زيادة العمليات الإرهابية زيادة صارخه و أكثر لفتاً، فمن صفر سواء كان عمليات إرهابية أو محاولات تم إحباطها بين عامي 2011 و 2014 نجد أن هناك 4 عمليات في 2014 منهم 3 عمليات في سبتمبر 2014 و 3 عمليات حتي يونيو 2015.
-------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
(1)مجلة دار الإسلام : ليس هناك أي تناقض بين هذين الغرضين لأنه من المعروف أن قوام الدولة الإسلامية هو من السكان المحليين، و هذا هو ما سيكون عليه الحال دائماً، ففيما يتعلق بالمسلمين المقيمين في الغرب فعندهم الإمكانية لضرب العدو حيث يقيمون أو أن يهاجروا إلي أرض الخلافة، فهاتان المهمتان غير متعارضتان بل متكاملتان. فكل مسلم وحسب تقبله و ظروفه سيكون مستعداً لهذه المهمة أو تلك.
(2) هذه الإحصائيات بناء علي عمل كل من توماس هيج هامر و بيتر نيسر "تقييم تعهد الدولة الإسلامية بمهاجمة الغرب هنا .
(3)و بالمثل كندا لكن بدرجة أقل.
=============================================================================
(4)

لذلك فمن الواضح أن الدولة الإسلامية استطاعت بسرعة رغم بُعد المسافة إعادة نشر لجزء من مواردها ضد أوربا واستطاعت أيضا أن تزيد من رد الفعل الأمني للبلاد المُستهدفة، لذلك أصبح في مقدور الدولة الإسلامية أن تحشد للقيام بعمليات إرهابية في فرنسا بعد خطاب 22 سبتمبر 2014.

هذا التغيير بين ما قبل 22 سبتمبر و ما بعده تغيير سريع ولا يمكن إنكاره. فقبل 22 سبتمبر كان النشاط الإرهابي منخفض وعادة كان إما أن يكون مجاهدين قُدامي عادوا إلي أوربا(1)، أو خلايا إرهابية مرتبطة بالقاعدة (2)(والتي كانت الدولة الإسلامية جزء منها حتي 2013). في الواقع و باستثناء وحيد (3)، الدولة الإسلامية لم تظهر في مسرح العمليات الإرهابية إلا نادراً قبل 2014.

3-كيف استطاعت الدولة الإسلامية إحداث عمليات إرهابية بهذه السرعة؟

لقد استطاعت الدولة الإسلامية إحداث هجمات إرهابية في أوربا و فرنسا بإستخدامها بشكل رئيسي وسائل الإتصال الحديثة وجعلها في خدمة دعايتها العملية. فسوف نري أن الدولة الإسلامية قد إستخدمت الدعاية كإستخدام عسكري وعملي، فلم تعد الدعاية مجرد و سيلة لإضفاء الشرعية أو للتجنيد بل أصبحت في الحقيقة طريقة مستقلة فاعلة ضد أعدائها.

ولذلك فقد إستفادت الدولة الإسلامية من مشروع أيدلوجي ذي صفات مسيانية(4) و رؤية تتعلق بنهاية العالم وآخر الزمان(5) تلك الصفات إستخدمت كنقطة إرتكاز قوية لإحداث التحول إلي العمل الإرهابي؛ و بدون الدخول في شرح طويل سوف نقرر هنا أن كل المشاريع الألفية والتي تتعلق بنهاية العالم وآخر الزمان تتمتع بثلاث مزايا لإنتشارها و قدرتها علي الإجتذاب و لوجود الإعتقاد الجازم.

  • فالنظرية التي تتعلق بنهاية العالم تبدو قادرة علي جذب الإنتباه بسهولة بمعارضتها للرأي السائد من القوي السياسية و الدينية في محيطها. فإنتشارها يكون سريعاً كالنار في الهشيم، تلك السرعة في الإنتشار تتضاعف بإستخدام تكنوجيا المعلومات والاتصالات الحديثة والتي تُفضل هذا النوع من الإنتشار "الفيروسي".

  • أن الأيدلوجية المتعلقة بنهاية العالم وآخر الزمان تُحدث لدي أتباعها درجة من درجات التعصب و العنف,كزيادة النزعة إلي القيام بأعمال عنيفة بشكل أكبر مما يكون لدي أتباع الأيدلوجيات الآخري.

  • وأخيراً، فإن علاج و تأهيل أتباع تلك الأيدلوجية تُصبح معقدة بسبب أنها تقاوم أي محاولة لمعارضتها موضوعيا وباستخدام الحوارالعقلي المنطقي، و حينما يُحاصرها ويعزلها الواقع فإن أتباع تلك الأيدلوجية يلجئون إلي الإنكار والعنف الأمر الذي يسهل انتقالهم إلي الأعمال الإرهابية. (6)
-------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
(1)علي سبيل المثال إبراهيم بودينا(فرنسا-فبراير 2014) مهدي نموش(بلجيكا-مايو2014) محمد وهراني(فرنسا-يوليو2014)
(2)هذا هو الحال بالأخص في فرنسا في تفكيك خلية كان-تورسي المرتبطة بشكل مباشر بجبهة النصرة وتم الإستعانة خارجيا بالدولة الإسلامية والتي قامت ببيعة القاعدة (مجلة دار الإسلام : الدولة الإسلامية لم تبايع أبداً القاعدة، بل القاعدة في بلاد النهرين(العراق) هي التي بايعت أول أمير للدولة الإسلامية في العراق الراحل أبو عمر البغدادي-تقبله الله بين الشهداء- وهذا مُسجل في خطاب أمير قاعدة العراق في هذا التوقيت الراحل أبو حمزة المهاجر والذي أعلن فيه بيعته لأبي عمر).
(3)هناك قضية واحدة علي الأقل التي يُحتمل تورط الدولة الإسلامية لكن لم يتم إثبات ذلك، وهي قضية ما عُرف ب (مخطط لندن-مومباي) في أكتوبر 2013 لكن لا يوجد أي يقين بخصوص تورطها فيها.
(4)المشروع المِسياني هو مشروع أيدلوجي يرتكز علي إقامة مجتمع أوعالم مثالي فاضل كامل، وأسطوري تماما حيث حين إقامته سيكون علامة علي الدخول في عصر جديد و تحول جذري للعالم أو حتى نهاية التاريخ كما نعرفه. هذا التعريف من وحي كتاب ريتشارد لاندز : الجنة علي الأرض: تنوع نظريات الألفية. مطبوعات جامعة أوكسفورد 2001 ص21.
(5)مشروع نهاية العالم و آخر الزمان هو مشروع يرتكز علي الإعتقاد بأن نهاية العالم أو تغيّر العالم الجذري قد إقترب ومن ثم فمن الطبيعي أنه يتغذي علي المؤشرات السلبية و المتشائمة بخصوص المستقبل
(6)مجلة دار الإسلام : يجب هنا إزالة اللبس و الغموض عن ماقيل عن طبيعة نصوص وخطابات الدولة الإسلامية المتعلقة بنهاية العالم وآخر الزمان، فما قيل عن صعوبة إعادة تأهيل أتباع هذه الأيدلوجية فهذا صحيح بشكل عام لكل أتباع الأيدلوجيات الدينية لأن تلك الأيدلوجيات تقوم في جزء منها علي الإيمان بالغيب. إن الإنكار الحقيقي يأتي من هؤلا المتخصصين الذين يعتقدون دائما أو يتظاهرون بالإعتقاد أن الهمجات أو الهجرة إلي أرض الخلافة ما هي إلا نتيجة للخلل العقلي، هذا "الغرور الإستعماري" كما أطلق عليه مايكل شوير في كتابه الغطرسة الإستعمارية هي واحدة من أسباب هزيمة الغرب في مواجهة المجاهدين. فياله من عذر مناسب لعدم إعادة النظر في السياسات الغربية إتجاه الدول الإسلامية. فالقول بأن تلك السياسات ليست كافية لتبرير عُنف مقاتلي الدولة الإسلامية هو خطأ فادح بل أيضاً هو تضليل و خداع بلا مثيل، لأنه إذا كان قتل 3000 أمريكي في هجوم 2001 يبرر دخول عشرات الدول "المتحضرة" الحرب وارتكاب المذابح في حق الشعوب المسلمة خلال سنوات، كيف إذا لا تكون نفس تلك المذابح مُبرراً لإرتكاب هجمات علي أراضي تلك الدول الغربية؟، فهولاند نفسه، والمعروف بكذبه، قد برر حربه ضد الدولة الإسلامية بسبب هجمات 13 نوفمبر 2015 بينما فرنسا نفسها تقصف العراق منذ سبتمبر 2014، ومع ذلك لم نجد بالكاد أحد قد إستاء من إعلانه الحرب هذا، ولا طالب بإخضاع حكومة هولاند للفحص النفسي.
=============================================================================
(5)


إن تلك العناصر التي تم سردها هنا بشكل تجريبي فلا يوجد فيما نعلم أي دراسة جادة لأيدلوجية الدولة الإسلامية فيما يتعلق بهذا الجانب، ورغم ذلك فتلك العناصر تُمثل مفتاح ومدخل لنجاح السياسات المتعلقة بمكافحة الإرهاب و بالأخص برامج إعادة التأهيل. لذلك فمن المُلح أن يتم توجيه و تحريك الباحثين في العلوم الإنسانية لدراسة تلك القضايا والتي تمتد لتشمل علم الإنسان و القانون و الطب النفسي(1).

وبشكل أكثر تحديداً، فدعاية الدولة الإسلامية يتم توجهيها لأكبر عدد ممكن، وهي مصممه بشكل ليس فقط لإقناع أتباع جدد ولكن أيضا لإعطاءهم كل العناصر النفسية و العملية التي يستطيعون بها الإنتقال إلي الفعل و إرتكاب عمليات إرهابية دون أن يكون هناك أي تنظيم هرمي أو أن يكونوا جزء من تنظيم.

الأمر يتعلق بعملية "تنشيط" لعقول منهكة ضعيفة بسبب أسباب مختلفة(الحياة الشخصية، السياسة العامة، الأوضاع إقتصادية صعبة.....) ، نقط الإرتكاز تلك لا تسمح فقط بالإنضمام لهذا المشروع الأيدولوجي ولكن أيضاً الإنتقال إلي العمل الإرهابي.

4-تهديد واسع وعلي عدة مستويات:

إن أسلوب و طريقة الدولة الإسلامية تسمح لها بقدر من إعادة تنشيط و مضاعفة قدراتها على القيام بعمليات والتي تستند علي مجموعة إجراءت و ترتيبات مختلفة التي تهدف كلها للعنف الإرهابي، الأمر الذي يولد تهديد واسع يكاد يكون مستحيلاً التصدي له و تجنبه.

يُميز كل من توماس هيج هامر و بيتر نيسر في مؤلفهم بين مالايقل عن ستة أنواع و أنماط من العمليات الإرهابية في الغرب و التي تم ربطها بالدولة الإسلامية (نرفق هنا الأمثلة التي ذكروها) (2):

1-التدريب والتعلميات علي مستوي القيادة العليا: يتم تدريب المُنفذين بواسطة الدولة الإسلامية ويتم تقرير مشروع الهجوم علي أعلي مستوي للقيادة في التنظيم (لا يوجد أي مثال حتي شهر يونيو 2015 حين صدور المؤلف، لكن من المرجح أن المنفذين يمكن تصنيفهم الآن بأنهم الذين قاموا بهجمات 13 نوفمبر 2015).
2-التدريب و التعليمات علي مستوي القيادة الوسطي: المُنفذين تم تدريبهم و مشروع الهجوم تم وضعه في داخل التنظيم(خليه فيرفيه التي تم تفكيكها في 2015).
3-التدريب: المنفذين يتم تدريبهم عن طريق الدولة الإسلامية (هجوم مهدي نموش علي المتحف اليهودي في بروكسل في مايو 2014).
4-إعطاء التعليمات عن بعد: إتصالات منتظمة بين المُنفذين(تليفون، إنترنت) وبين أعضاء من التنظيم والذين يُوجهون مشروع الهجوم (مشروع هجوم فيينا والذي تم إحباطه في أكتوبر 2014).
5-إتصالات عن بعد بدون تعليمات: هناك إتصالات منتظمة بين المُنفذين و أعضاء في التنظيم لكن بدون إعطاء أي تعليمات فيما يخص مشروع الهجوم(خلية سبتة والتي تم تفكيكها في مارس 2015).
6-مناصرة وتعاطف لا وجود لأي إتصال: مُناصرون بدون أي إتصال مع التنظيم (هجوم حميد الحسين في كوبنهاجن في فبراير 2015 علي رسامي الكاريكاتير للنبي).
-------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
(1)هذه الدراسة التي من الممكن أن تنطلق من الأعمال البارزة ل ج. م. بيرجر "بندول ساعة نهاية العالم: وسائل التواصل الاجتماعى كحامل لعدوي نهاية الألفية) نظرة علي الإرهاب مجلد 9 العدد 4 أغسطس 2015 ص61-71 هنا .
(2)توماس هيج هامر و بيتر نيسر "تقييم تعهد الدولة الإسلامية بمهاجمة الغرب" نظرة علي الإرهاب مجلد 9 العدد 4 أغسطس 2015 ص22.
=============================================================================
(6)

هذه الأنوع والأنماط مثيرة للإهتمام لكنها تبدو لي أنها تعاني من بعض العيوب:

  • تعاني من تعقيدها الواضح بالمقارنة بالإحتياجات التي يتطلبها وضع سياسات ناجحة و ملائمة لمكافحة الإرهاب، فالتمييز بين التدريب/الإتصال سواء مباشر أم لا صعب للغاية، ومعرفة إذا كانت التعليمات أُعطيت علي المستوي الأعلي داخل الدولة الإسلامية أم لا - الأمر الذي يزيد صعوبة الحصول علي المعلومات- ليست ذات أهمية في منع تلك الهجمات.

  • هذه التقسيمات تتجاهل عوامل معينة مثل عدم الأخذ في الاعتبار عملية التمويل للمواد والاموال و عملية إختيارالمُنفذين الذين سيقومون بتنفيذ تلك الهجمات(علي غرار هجمات سبتمبر) وكذلك في أي تصنيف يمكن وضع تلك الهجمات التي تم إحداثها عن طريق التلاعب في عقل منفذها نتيجة لمقابلته المنتظمة لأحد أعضاء الدولة الإسلامية.
في ضوء الأحدث الأخيرة يبدو لي أنه من الممكن أن يتم تقليل تلك التقسيمات إلى ثلاثة مستويات بناءً علي منشأ تلك الهجمات و مدي ضلوع الدولة الإسلامية في إخراجها إلي حيز التنفيذ. الدولة الإسلامية عندها القدرة لنشر مواردها لإحداث ثلاثة أنواع من الهجمات الإرهابية بإفتراض ثلاثة مستويات لضلوعها فيها، فمن الهجوم "التقليدي" حيث يتم التخطيط علي أعلي مستوي للقيادة (كما هو الحال لهجمات 13 نوفمبر 2015 في باريس) إلي الأعمال الفردية المعزولة من أشخاص ليس لهم أي إتصال مباشرة مع الدولة الإسلامية، لكن مع ذلك قام هؤلاء الاشخاص بوعي بتلك الأعمال لحسابها(علي سبيل المثال الهجوم بالساطور علي معلم يهودي بمرسيليا في يناير 2016).

الساطور المستخدم في الهجوم علي المعلم اليهودي

سنحاول أن نبلور كلامنا بمخطط يوضح هذه المستويات الثلاثة للهجمات:

تلك التقسيمات الثلاثة والتي معالمها العامة بالضرورة إعتباطية بالنظر لحالك السيولة و الإنتشار للتهديد الإرهابي في فرنسا، هذا التقسيم يبدو لنا أنه يسمح بتقييم أفضل فيما يخص تنوع تلك الهجمات و القدرة علي تقييم إستجابتنا و ردود أفعالنا إتجاهها فيما يختص بالوقاية و الأمن.

  • الإرهاب القادم من الخارج : من الممكن أن يتكوّن من مقاتلين تم إعدادهم داخل الأراضي التي تخضع للدولة الإسلامية والذين يتم نقلهم بعد ذلك خلال شهور إلي الدول الأوروبية ووضعهم علي مقربة من الهدف المراد ضربه(إذا كان من الممكن في دولة مجاورة للهدف) حيث يتم الهجوم بناءعلي جدول زمني و خطة معدة مُسبقاً، أو بناء علي مبادرة من القائد المتواجد في المكان أو بناء علي تعليمات من سلسة من القيادات. والمثال النموذجي لهذا النوع من الهجمات هي هجمات 13 نوفمبر في باريس.
هذا القسم يشمل أيضا الهجمات التي قام بها جهاديين أوربيين و الذين عادوا من أراضي الدولة الإسلامية بعد المكوث فيها لفترة(سواء كان في سوريا أو العراق أو ليبيا) ويشمل أيضا المُخطط الذي تم إحباطه في أغسطس 2015 والذي كان يستهدف قاعة للموسيقي(أيضاً في باريس).

هذا النوع من العمليات يتطلب دعم لوجسيتي كبير و إعداد و تحضير متطور و معقد ، الأمر الذي يُمثل نقاط ضعف لتلك العمليات أمام الترتيبات الأوربية لمكافحة الإرهاب والتي تم تطبيقها بدءً من 2001 و التي تتحسن باستمرار منذ ذلك الوقت.
=============================================================================
(7)

إن أجهزتنا الإستخبارية والأمنية معدة و مجهزة من الناحية النظرية بحيث تجعل مثل تلك الهجمات صعب جداً أن تكتمل أو تصل إلي مُبتغاها. فنجاح تلك الهجمات يبدو أنه عشوائي وغير محتمل ، وهذا بسبب إما السهولة في التعرف المُسبق علي منفذي الهجمات(جهاديون عائدون من مناطق تحت سيطرة الدولة الإسلامية، والذين سافروا عبر عدة دول) أو بسبب أيضاً الوضع الحرج للمنفذ و الذي أرسلته الدولة الإسلامية من سوريا والذي يتم كشفه من خلال أجهزة الأمن خلال فترة التحضير و الإعداد الطويلة لذلك الهجوم.

إن الإجراءت و الترتيبات القانونية تبدو ذات أهمية فيما يتعلق بهذا النوع من التهديدات، فيجب أن توضع الجهود و الإمكانات، وخصوصاً الشدة والصرامة في عمل ضباط الأمن والذين تنخفض يقظتهم مع الوقت نتيجة للروتين، والأخطاء الفردية، والمنافسة. وكذلك فإن الإحصاءات المتعلقة بهؤلاء الجهاديين الأجانب المتواجدين داخل الدولة الإسلامية، و أولئك العائدون منها إلي أوربا، يسمح لنا بتقييم الأخطار المُستقبلية(1).
ختاماً، هذا النوع من الهجمات لا يمكن أن ينجح في أوربا إلا إذا استطاع مُنفذيها "إستغلال" نقص أو خطأ أو عدم كفاءة الأجهزة الأمنية الأوروبية(2).

  • الإرهاب المحلي-العالمي هذا النوع طريقة للعمل الإرهابي و هو نتيجة مباشرة للتطور الداخلي للقاعدة(3), والذي يعتمد لذلك علي خلايا محلية نوعا ما مدعومة (ماليا،تدريب،معدات و موارد), لكن تتحرك في إطار عالمي هذا التحرك قد يكون بأخذ التعليمات بشكل مباشر من التنظيم، أو يكون عن طريق الإتصالات المنتظمة الصادرة من الدولة الإسلامية (هذه الإتصالات التي لا تخلو من التلاعب بالعقول)(4).
ما يميز هذا القسم من العمليات الإرهابية المتوسطة هو وجود إرتباط تنظيمي مع الدولة الإسلامية، لكن بدون أن يذهب هذا الإرتباط حتي يكون إمتداد لقوتها، فالمواراد و المنفذين هم من المنطقة المستهدفة (أو بجوارها) ، فيمكن أن تكون الخلية مكونة من أحد المُجَندين أو المناصرين للدولة الإسلامية الذين بايعوها(سواء كانت الدولة الإسلامية قد قبلت بيعتهم أو علي الأقل عرفت بها) أو أعضاء من أصحاب أو عائلة أحد الجهاديين الذي ذهب للإنضمام إلي الدولة الإسلامية.

الصعوبة في منع تلك النوعية من الهجمات هو طبيعتها "المحلية" فليس هناك لا ذهاب-عودة بين فرنسا و أحد المناطق التي تُسيطر عليها الدولة الإسلامية والتي تسمح بمعرفة و متابعة التهديدات المحتملة(5). لكن في المقابل فإن الإعتراض و التنصت علي تلك الإتصالات مع أشخاص في داخل الدولة الإسلامية يُمثل وسيلة هامة لمنعها.
-------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
(1)انظر علي سبيل المثال تيموثي هولمان : السرب: الحوادث الإرهابية في فرنسا، مراقبة الإرهاب ، المجلد 13 العدد 21 ص5 هنا
(2)مجلة دار الإسلام: إذا كان هذا هو الحال فعلاً، و بالنظر علي حجم عمليات 13نوفمبر و عدد المنفذين، فإن الأمر ليس مجرد خطأ بل هو فشل ذريع لأجهزة الإستخبارات الداخلية و الخارجية، أن يمر بدون معرفتك شخص أو اثنين هذا شئ وأن يمر تسعة شخص شئ آخر الأمر الذي يشهد بفشلك التام كما ذكر القاضي مارك تريفيديك. وكذلك الإعتقاد بأن هذا النوع من الهجمات لن يحدث قريبا ليس مناسب تماماً بالأخذ في الإعتبار أن أجهزة الإستخبارات لم يتغير فيها شئ منذ الصفعة التي تلقوها في 13 نوفمبر2015 .
(3ذا النوع من العمليات كان هو المُفضل في البداية لدي القاعدة قبل تولي أسامة بن لادن القيادة و يؤثر فيها باتجاه القيام بهجمات علي مستوي أكبر.
(4)مجلة دار الإسلام : التكلم عن التلاعب بالعقول ليس له معني في الحقيقة ، و لا يليق أن يُذكر في بحث علمي كما هو مُفترض هنا،هذا الكلام غير مناسب علي الإطلاق لأنه ما هو الفرق بين أن يقول شاب مسلم و هو يستعد للقيام بهجوم :" فكر في المسلمين الذين يتم قصفهم وحتي إذا مت ففي إنتظارك الجنة"، وبين أن يقول جندي في جيش نظامي :" فلتقصف كل هؤلاء الإرهابيين الذين ضربوا فرنسا، قاتل لأجل قيم أمتنا", ففي حال موت كليهما، فالأول كان يأمل في حياة سعيدة بعد الموت، أما الثاني فكان يأمل بميدالية شرف يتم إلقائها في أحد الأدراج. و لو نظرنا من وجهة نظر الطب النفسي فإن الثاني هو الذي ينبغي معالجته، و كما أحسن القول أحد الأخوة حين قال أن مصطلح غسيل الدماغ مناسب جداً لأنه بعد سنوات من تدنيسه في المجتمع الغربي و إنحرافاته، فالدماغ محتاج فعلا لغسله بواسطة الإسلام و تعاليمه.
(5)مجلة دار الإسلام: مرة ثانية هذا دليل علي عدم كفاءة أجهزة الإستخبارات و التي لم تستطع أن تكشف الذهاب و العودة بين أوربا و سوريا للبطل أبو عمر البلجيكي، ناهيك عن الكلام عن الأخ أبو القعقاع البلجيكي والذي لم يُذكر أبدا سفره إلي سوريا حتي نشرت الدولة الإسلامية صوره وهو يتدرب، وفي الحقيقة لن أكون معانداً إذا قلت أن الإرهاب "المحلي-العالمي" يمثل تهديداً أكبر من "الإرهاب القادم من الخارج".
=============================================================================
(8)

هذا القسم يجمع العدد الأكبر من الهجمات التي تم إحباطها في أوروبا. وعلاوة علي ذلك تشير الإحصاءات المعروفة إلي أن جزء كبير من تلك الهجمات التي حاولت الدولة الإسلامية القيام بها في أوروبا لم تكن لمقاتلين ذهبوا للإنضمام للتنظيم وعادوا ولكن من أعضاء أو مناصرين محليين بقوا في أماكنهم(1).

هذا النوع من الإرهاب هو ما تحركت في إتجاهه مؤخراً لتواكبه الإجراءات التشريعية و أجهزة الإستخبارات ، فالتهديد معروف، وغالباً ما تكون تلك الخلايا مرتبطة بشبكات قديمة، وبالتالي سهل كشفها، لذلك هذه التهديدات يمكن منعها بشرط تواجد الصرامة و وضع كافة الموارد المطلوبة لذلك.


  • الإرهاب الإنتهازي (أو إرهاب الفُرصة): هذا القسم يغطي في الواقع مواقف واسعة التباين، لكن العامل المشترك بينها هو أن المرور إلي الفعل الإرهابي يكون نتيجة لتضافر عاملين هما الدعاية الفعالة للدولة الإسلامية وفرد مهيئ للإستجابة لها. فلا وجود لأي رابط مباشر مع الدولة الإسلامية (فلا وجود لإتصالات مباشرة، ولا دعم مادي أو مالي، ولا تدريب).

كُنت قد حددت هذا القسم من الإرهاب بعد الهجوم الذي حدث في ايسير عن طريق شخص متطرف (وليس له إتصال بالدولة الإسلامية) والذي قام بقطع رأس رئيسه في العمل ثم حاول أن يفجر مستودعاً للغاز(2). فمن عملية دهس بالسيارة لمجموعة عسكريين(فالنس، ديسمبر 2015) ، إلي هجوم مُراهق علي يهودي في الشارع(مرسيليا، يناير 2016)هذا النوع من العمليات قد تضاعف في فرنسا، لدرجة أنه في بعض الأحيان تُنكر السلطات طبيعته الجهادية(كما حدث مع هجوم فالنس). في مواجهة تلك الهجمات فإن كل من الأجهزة الأمنية وتشريعات مكافحة الإرهاب هما الأكثر عجزاً وفقراً.

هذا النوع من الإرهاب يقوم به أشخاص معزولين، لا يمكن كشفهم، وما سيقومون به لا يمكن التنبؤ به ( التحضيرات، الأهداف، ساعة التنفيذ.....) ، وآثار تلك الأعمال علي المجتمع الفرنسي كبيرة و ثقيلة، والأكبر والأثقل معرفة أن تلك العمليات ستتكرر في كل مكان علي الأراضي الفرنسية ، فتخلق جو من الرعب و ردود الأفعال التي تأتي بنتائج عكسية علي جميع الأصعدة في الدولة، وتُنهك الأجهزة الأمنية التي تعجز عن مواجهة تهديد واسع و متشعب كهذا التهديد ويُحقق ما قاله العدناني في خطاب 22 سبتمبر 2014 والذي نقلنا جزء منه حين يقول :"(...) ستدفعون الثمن في شوارعكم تتلفتون حولكم خوفاً من المسلمين. ولا تأمنون حتى في غرف نومكم."

وبالمناسبة، سنجد في هذا القسم ما كان يوما قصصاً صحفية مُتخيلة، قصص عن الذئب المنفرد الذي كان لفترة طويلة لا وجود له في الواقع،قد أصبح اليوم "الذئب المنفرد" في 2016 إرهاباً حقيقياً. من المنطقي أن تُريد الدولة الإسلامية أن تُطوّر هذا النوع من الأعمال ، لما له من مزايا عديدة( لا وجود لأي التزامات في حالة الفشل، لايُكلف شيئاً،......). لقد كثفت الدولة الإسلامية من نشر التعليمات الخاصة والإرشادات لمثل تلك الهجمات الإرهابية ، سواء كان عن إختيار الأهداف( كالدعوة مؤخراً لمهاجمة مُعلمي المدارس العامة، و أفراد أمن حماية الأطفال) ، وأو إرشادات و تعاليم عن الأساليب و الإجراءات العملية للقيام بهجوم كما سنري لاحقاً(3)

إن قدرة الدولة الإسلامية علي إحداث مثل هذا التهديد هو واحد من الجوانب المُقلقة جداً فيما يتعلق بالتهديد الإرهابي لفرنسا في 2016. إن نجاح إرهاب الفرصة علي المدي الطويل مرتبط بالأُسس التي ترتكز عليها الإستراتيجية الذي أنتجه.
-------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
(1) خلال الفترة من يناير 2011 إلي يونيو 2015 نلاحظ أنه كان هناك 22 محاولة من مُناصرين الدولة الإسلامية لتسعة جهاديين عائدين من المناطق التي تحت سيطرتها، المصدر، هيج هامر و نيسر، المرجع السابق، ص27
(2)انظر ورقتي البحثية هجوم ايسير : الجريمة المعتادة و الجهادي الإنتهازي.
(3) حتي لقد قامت الدولة الإسلامية بإصدار كُتيب من 64 صفحة للتوصيات العملية الخاصة بقواعد الإحتياط و الأمن للجهاديين الذي يخططون للقيام بهجمات في أوربا. هذه القواعد تم تقديمها بين 2013 و 2014 لكن تم إعدادها لتناسب "الذئاب المنفردة" ، تحت عنوان :" الإرشادات العامة للأمن و السلامة لمجاهدي الذئاب المنفردة و الخلايا الصغيرة"
=============================================================================
(9)

5-الأسس التي يرتكز عليها إرهاب الفرصة للدولة الإسلامية:

  • تعظيم و تحقيق أكبر قدر ممكن من المبادرات الشخصية.
  • تحويل الدعاية إلي سلاح للحرب.

تعظيم المبادرات الشخصية للأفراد المحليين:
ما نجحت الدولة في تحقيقة للإرهاب الجهادي في أوروبا ليس جديداً.فما هو إلا شكل مُتبَني من الطريقة العمليات التي نظّر لها الجيش الألماني في مطلع القرن التاسع عشر، تسمي "الأوفتراجس تكتيك" والتي تعني نظام العمل العسكري الذي يقوم علي المرونة وإعطاء الضباط و الجنود حرية كبيرة في العمل العسكري.

فهي تعمل علي إنشاء القدرات الذاتية لمستويات مختلفة من القادة، للعمل و إتخاذ المبادرة الضرورية في إطار خطة عامة. وبالتالي فهي تستند علي ثلاثة عوامل : خطة مرنة بشكل كافي لإعطاء حرية التصرف للمُنفذين علي الأرض(فلا وجود لأعمال إدارية صغيرة علي سبيل المثال), خطة منشورة و مفهومة من كل المُنفذين من أجل أن يستطيعوا التحرك لتحقيق الغاية التي يُريدها القائد. وأخير تعليم يزرع قيمة المبادرة في النفوس.

" لا يوجد ما هو أهم من تعليم الجندي أن يُفكر و يتصرف بنفسه. فإستقلاله الذاتي و شعوره بالشرف سيدفعانه لتنفيد ما عليه حتي عندما لا يكون قائده موجوداً يراقبه" (تعليمات سلاح المشاة الألمانية 1908).

ونُشيرأن الدولة الإسلامية أعادت إستخدام هذا الأسلوب من العمليات العسكرية مع إرهاب الفرصة لتعظيمه و زيادة كفاءته: فالهجمات الإرهابية الإنتهازية يتم إحداثها عن طريق رسائل عامة و جمعية، مما يسمح لمرتكبيها بتحقيق الهدف الإستراتيجي المراد كل هذا إعتماداً علي القدرات الذاتية لهم والذين ليس لهم -لنتذكر- أي صلة مباشرة بالدولة الإسلامية.

ولتحقيق أهدافها فلابد للدولة الإسلامية من نشرها، وهذا هو الهدف من دعايتها المتطورة و أيضا الضخمة(1)، والتي تستخدم كل الوسائل و القنوات المتاحة، فليس غرض تلك الدعاية فقط هو الإقناع ، و إكتساب الشرعية، و التجنيد و تغيير القناعات، لكن أيضا هو التسبب في إحداث هجمات تُلحق الخسائر بأعدائها.

دعاية الدولة الإسلامية تفي بثلاث وظائف:

  • وظيفة الدعاية التقليدية : التجنيد و رفع الروح المعنوية.
  • وظيفتها كناقل للتعليمات و الأهداف والتي تسمح لكل واحد بتشربها ومن ثم التحرك بناء علي مبادرته الشخصية.
  • وظيفتها كوسيلة تعليمية لنشر الإجراءات العملية، والتي يتم تحديثها بإنتظام فيما يتعلق بالخبرات للهجمات الناجحة أو التي تم إحباطها.

فعلي سبيل المثال، قامت الدولة الإسلامية في نوفمبر 2015 بإصدار كُتيب من 64 صفحة للتوصيات العملية الخاصة بقواعد السلامة و الأمن للجهاديين الذي يخططون للقيام بهجمات في أوربا. هذه القواعد تم تقديمها بين 2013 و 2014 كدورات تعطي للجهاديين في داخل الدولة الإسلامية. هذا الكتيب :" الإرشادات العامة للأمن و السلامة لمجاهدي الذئاب المنفردة و الخلايا الصغيرة"(2), تم تعديله لكي يتناسب تحديداً مع "الذئاب المنفردة" والخلايا الصغيرة.
-------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
(1)الإحصاءات الخاصة برسائل و فيديوهات التي تنشرها وسائل الإتصال المختلفة الخاصة بدعايا الدولة الإسلامية تتجاوز معدلاً وعدداً بكثير الإتصالات الخاصة بكل التنظيمات الجهادية الآخري.
(2)انظر بالأخص هنا و هنا .
=============================================================================
(10)

هذا الكُتيب يؤكد أن الدولة الإسلامية قد أدخلت ضمن أولوياتها نشر المعرفة الضرورية الخاصة لتحقيق الهجمات الإرهابية الإنتهازية، بإعادة إنتاج النظام التعليمي لضباط الجيش الألماني في وقت "الأوفتراجس تكتيك"!
فالدولة الإسلامية تسعي إلي تعظيم المبادرات الفردية للأشخاص المحليين، حتي أنه في الكُتيب المشار إليه يدعو الأشخاص الذين يرغبون في القيام بهجمات من قراءة و التعلم من التقارير و التحليلات التي يكتبها الأوربيين أنفسهم :

"[…]العدو هو نفسه يعلمك كيف تهاجمه، يعطيك الأفكار و يرشدك، ففي كلمات العدو يمكن حتي أن تكتشف مخاوفه وتتعرف علي نقاط ضعفه ومشاكله. وتسفيد من كل تلك المعلومات في مراحل التحضيرات المختلفة في عمليتك. قبل أيام كنت أقرأ تقرير لمجموعة من رجال الإستخبارات لعدة دول والذين حللوا في هذا التقرير محاكاة لعشرة عمليات محتملة، فسبحان الله وأنا أقرأ فيه تفتق ذهني عن أفكار أكثر إبداعاً، إنهم حتي يفكرون في أشياء لم تخطر في بالنا وحينما نكتشف ما الذي ينتظروه ويفكروا به، نستطيع أن نستخدم ذلك لمصلحتنا و نستطيع الإلتفاف علي خططهم.[…]"(1).

هذه الفقرة المنقولة هنا تبين لأي درجة أنه مسئولية الجميع ومن ضمنهم المُغرمين بالتحليل أو المحللين أن يفكروا باستمرار في ما ينشرونه حتي لا يستفيد منه جهاديي الدولة الإسلامية والذين هم أول من يهتم بكتاباتهم. وبالمثل فإن الإعلان في وسائل الإعلام الغربية عن رسائل الدولة الإسلامية يجب تقييمها من أجل ألا تُسهل لهجمات الجهاديين.(2)

الدعاية أصبحت سلاحاً للحرب:

إستخدام الدعاية كان دائماً جزء من الوسائل التي تستخدمها الأطراف المتحاربة فيما بينها. فمن إستخدامتها التقليدية،: خداع العدو، الحفاظ علي الروح المعنوية للقوات و للشعب، تجنيد الحلفاء، و دعم المجهود الحربي. الدعاية تستهدف أولاً المعسكر الذي تتواجد فيه، بسبب القُرب الثقافي و اللغوي الأمر الذي يضمن أن تكون الدعاية أكثر كفاءة وأسهل فهماً وتهدف الدعاية بالمثل لخداع و شل و إضعاف الروح المعنوية للعدو والتأثير في المحايدين بهدف جعلهم حلفاء.

تدريجياً عبر التاريخ، أستخدمت الدعاية بشكل متزايد كأداة هجومية. وهكذا فلا يمكن فصل إنتصار السوفيت في الحرب الأهلية الروسية عن الدعاية الليلينية والتي نشرت بكثافة بين السكان الأيدلوجية الشيوعية والتي عملت علي إضعاف الروح المعنوية للأعداء الكُثر للنظام في موسكو و قد بدأت بإستهداف الحملة العسكرية الفرنسية-الإنجليزية التي جاءت لإخماد الثورة. ومع ذلك فالدعاية ليس الغرض منها إلحاق خسائر مباشرة بالعدو، فهي ليست سلاحا للحرب بالمعني الحرفي للكلمة.
-------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
(1)مقتطفات مترجمة من كتيب :"الإرشادات العامة للأمن و السلامة لمجاهدي الذئاب المنفردة و الخلايا الصغيرة." لأبو عبيدة عبدالله العدم ص11.
(2)مجلة دار الإسلام : هذه الملاحظة مهمة جداً من عدة نواحي، لأنها تُبين بوضوح أن وسائل الإعلام الغربية تجاوزت مهمتها الأصلية- وهي نقل الحقائق كما هي- في تحيزها في مواقفها في الحرب علي الدولة الإسلامية. فمشاركة وسائل الإعلام بأي طريقة لتجنب عمل دعاية للدولة الإسلامية أو لتجنب التأثير علي الشباب المسلم للإنتقال إلي الفعل هو في حد ذاته بروباجاندا و دعم لساسية الحرب للدول الغربية. ولذلك يصبح مشروعاً أن يوضع موضع الشك المعلومات التي تنشرها وسائل الإعلام تلك عن الدولة الإسلامية سواء كانت تلك المعلومات تتعلق بإتهامات للدولة الإسلامية أو بوقوع خسائر في صفوفها، وكذبة إعادة السيطرة علي الرمادي هي أفضل مثال علي ذلك. ليس من المؤكد أن ذلك التضليل الإعلامي هو الوسيلة المناسبة لمنع الشباب المسلم من الإنضمام للدولة الإسلامية، وعلي ذلك فلا يأتي الصحفيون المشاركون في تلك الحرب يبكون ويظهرون بطاقتهم الصحفية حينما تكون فوهة مسدس لجندي من جنود الخلافة مصوبه بين أعينهم.
=============================================================================
(11)

الدولة الإسلامية اليوم تستخدم الدعاية كسلاح قادرعلي "تنشيط" جنود حتي في قلب معسكر أعداءها وإلحاق الخسائر المباشرة بهم.محتوي تلك الدعاية و وسائل نشرها، "تجلب" أشخاص من مشارب مختلفة الذين يعانون من المتاعب الحياتية، من الفشل، من الفراغ الروحي أو العاطفي أو حتي يعانون من المشاكل العقلية، تجلب كل هؤلاء وتجعلهم في خدمة الغاية والأهداف الإستراتيجية للدولة الإسلامية.

هؤلاء الأشخاص الذين يتورطون في تلك الأعمال المرتبطة بإرهاب الفرصة، يتحركون و يتصرفون كُلاً بمفرده أو في مجموعات صغيرة جداً، كل واحد منهم يتبع عملية مختلفة مرتبطه بطبيعة شخصيته و طريقة معيشته، و خيبات أمله وإحباطاته و فشله وبل وحتي أمراضه. لكن بأفعالهم فإنهم يخدمون أهداف الدولة الإسلامية والتي ليس لها أي إتصال و إرتباط بهم فتبقي حرة في أن تنكر أفعالهم أو تعترف بها.

6-خاتمة

التوقعات بالنسبة ل 2016 تظهر إذا التنوع و الإنتشار للتهديد الإرهابي لفرنسا فيما يتعلق بالتقسيمات الثلاثة لأنماط الهجمات. فإذا كانت الوسائل اليوم لمنع القسمين الأولين معروفة و مُطبقة، فليس ذلك هو الحال بالنسبة للقسم الثالث إرهاب الفرصة، فتطبيق وتنفيذ سياسة لمكافحة دعاية الدولة الإسلامية هو بالتأكيد شئ جيد حتي و إن كان هناك تساؤلات حول الخطاب المضاد للإرهاب و الذي لا يستند علي أي دراسة جادة لبيان منبع جاذبية و كفاءة دعاية الدولة الإسلامية.ومع ذلك فإن مثل تلك الدراسة لا غني عنها ، فهي تتطلب تعاون عدة تخصصات من أجل فهم لماذا الخطاب الجهادي علي هذه الدرجة من الكفاءة بدفعه لأشخاص متباينين للإنزلاق إلي العُنف الأعمي.

التهديد الإرهابي يتخلل المجتمع الفرنسي، فهو يتضمن من الآن فصاعداً أجزاء متناثرة مختلفة منه ،لم يعد الإرهاب يتعلق فقط بأعضاء بشبكات -أعادت إرتباطها بالدولة الإسلامية - أو مناصرين (سواء كانوا في وسط جهادي أو عائلي) لكن امتدت لتشمل جمهور واسع و متباين و الذي سوف ينخرط في العمل الإرهابي الإنتهازي.

في مواجهة ذلل التخلل و الإنتشار فإنه من الضروري وضع منهج شامل علي المدي الطويل لمنع الإرهاب. وكما دافعت هنا في أنه لا يمكن أن ترتكز تلك الخطة لمكافحة الإرهاب فقط علي جانب تطبيق القانون و الجانب الشُرطي والذي هو غير فعال و من المستحيل نشره للتصدي لإرهاب الفرصة.

سيكون من المناسب التفكير في تطوير القانون الجنائي فيما يتعلق بالإرهاب. التسيس التدريجي للعقوبات الجنائية المُطبقة علي الأعمال الإرهابية يبدو أنه يغذي التهديد لإرهاب الفرصة، لذلك يبدو قانوننا الجنائي غير مناسب للتعامل مع تهديد كهذا فهو متنوع للغاية و مُترابط جداً(1) .وكذلك من الممكن التفكير في تبني قواعد للمسؤولية الجنائية تأخذ في الإعتبار الصفات الخاصة لمرتكبي الهجمات الإرهابية الإنتهازية(صغر السن، المرض العقلي.....) فلتحقيق أمن فرنسا في مواجهة إرهاب الدولة الإسلامية فإن الخطوات الضرورية و العاجلة والثمن الذي يجب أن يُدفع لذلك هو : الدراسة و الفهم و وضع (أخيراً) خطة شاملة و تطبيقها(2) .
-------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
(1)الهجمات الإرهابية الإنتهازية أحدثت جدلاً بيزنطياً حول معرفة إذا كان تلك الأعمال إرهابية أم لا (علي سبيل المثال هجمات فالنس أو تلك في جوت دور ،وأيضا هجمات مارشية دي نويل في 2014)
(2)مجلة دار الإسلام : وبالطبع، فإن التوقف عن نهب الدول الإسلامية ، و التوقف عن الإساءة إلي النبي محمد صلي الله عليه و سلم، و التوقف عن قصف الخلافة، كل هذا لا يدخل ضمن ما قيل أنه المراحل الضرورية و العاجلة. ستستمرون في الدراسة و الفهم و وضع الخطط لسنوات طويلة ، لأنه بالنظر إلي الإتجاه الذي تأخذه دراساتكم، فأنتم لستم علي مقربة من القضاء علي الإرهاب.
=============================================================================

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

..إنْ أردتَ أنْ تكتب تعليقاً مُفيداً ففكّر ثلاث مرات، مرة قبل كتابته ومرتين قبل أن تضغط زر إرسال