الخميس، 18 فبراير 2016

أنا مُتضامن ... إذاً أنا إنسان

أنا مُتضامن ... إذاً أنا إنسان.


لقد إختلف العلماء و الفلاسفة في تحديد ماهية الإنسان ، وإن كانوا إتفقوا علي حيوانيته إلا أن كل واحد منهم حاول أن يُميّز حيوانه عن الآخر فمِن قائل أن الإنسان حيوان ناطق،  أو أنه حيوان مُفكر، أو بأنه حيوان إجتماعي ونهاية بأنه حيوان ضاحك.

لكن من الواضح أنهم كانوا مُخطئين، فلا النطق ولا التفكير ولا الإجتماعية ولا الضحك هي حِكر علي الإنسان ، لكن خطئهم الأكبر ليس هاهنا. بل خطئهم في أنهم حاولوا أن يضعوا كل الإنسانية في سلة و احدة ، فلو قلنا أن الإنسان حيوان مُفكر،  فماذا سنفعل بالأغبياء و ضعاف العقول هل نُخرجهم من الإنسانية ، ثم حتي لو أخرجناهم ففي أي تصنيف نضعهم. لقد وضعونا في مشكلة حقيقة،  لذلك أقترح أنه بما أنهم متفقين علي حيوانية الإنسان ، وبما أننا نشاهد التشابهات الكبيرة بين الإنسان والحيوانات الآخري فنجد إنسان هو أقرب إلي الحمار،  و آخر مشابه للبقرة،  و ثالث لا تفرقه عن البغل .  أن يتم تعريف ماهية كل إنسان بأقرب حيوان مشابه له.

فنقول مثلاً هذا الإنسان حمار،  وهذه المرأة بقرة،  وهذا الرجل سيسي،  وهذا الطفل قرد. باستخدام هذه الطريقة لن يخرج أي حيوان عن حدود الإنسانية ، ونكون قد لقنّا العُنصريين درساً لن ينسوه. لكن هناك مشكلة ستُجابهنا حين استخدامنا لذلك التصنيف هو ماذا سنفعل إذا فشلنا في تحديد أي حيوان مشابه للإنسان الذي نريد معرفة ماهيته، وأقترح لحل هذه المشكلة أن نطلق لفظ حيوان وكفي علي مثل ذلك الإنسان اللُغز.

فمثلا لقد تحيرت في معرفة أي حيوان مشابه للإنسان المُتضامن،  فكما تعلم أصبحنا اليوم في عصر التضامن،  فكل يوم نسمع عن أُناس يُطلقون حملة للتضامن مع أُناس آخرين، ثم بعد أيام يبدأ المُتضامنون في نسيان تضامنهم مع المُتضامن معه الأول،  لكي يبدأوا تضامن جديد وهكذا. فلو أننا قولنا أنا هذا الإنسان المُتضامن حمار, فممكن أن يغضب منّا الإنسان الحمار،  و لو قلنا أنه بقرة لرأينا البقر خرجت في مظاهرة تُندد بنا،   لذلك و لكي لا نُغضب احدًا سنُطلق علي الإنسان المُتضامن حيوان.

وكمثال تطبيقي لهذا التصنيف الجديد سنأخذ الإنسان المصري كمثال وسنقسم فئاته لكي يتضح لك ما في التصنيف الجديد من مزايا :



وكما تري في هذا التصنيف تستطيع أن تعرف ماهية كل إنسان بسهولة . 

ستسألني الآن و ما معني مُتضامن أصلاً ؟ 
سؤال دائماً ما يُسئل. والإجابة في منتهي البساطة هي أن  المُتضامن هو الحيوان الذي يقوم به التضامن.  وبدون هذا الحيوان لا يكون لهذا التضامن أي وجود ، فهذا الحيوان يحمل الضمانة بأن التضامن سيظل موجود طوال فترة تضامنه.

هل هناك مظاهر أو أعراض لهذا التضامن؟
  نعم فالحيوان المُتضامن حينما يعلن عن تضامنه فإنه يقوم ببعض الطقوس المعتادة التي يُعرف منها أنه مُتضامن، فمثلا يُنشئ هاشتاج يعلن فيه تضامنه أو يرفع يافطة عريضة مكتوب عليها باللون الفوشيا "أنا مُتضامن إذا أنا إنسان", الأمر الذي يسبب لك حيرة فمن المعروف أن هذا الحيوان إنسانا فبما أنه حيوان فهو بالضرورة إنسانا ، لكن من المُحتمل أن هذه أحد طرق التضامن،  في أن تقول ما هو معروف،  فبما أنك لن تفعل شيئا غير أن تتضامن،  فلا يُضير أن تعيد و تكرر ما قيل آلاف المرات .

ماهي محفزات و مثيرات التضامن عند هذا الحيوان؟
المحفزات كثيرة،  فمثلاً أن يُعتقل واحد مشهور،  أو يُقتل صحفي مشهور ، أويُسحل  ناشط مشهور ، أو أن يُعذّب سياسي مشهور،  المهم في التضامن أن يكون المُتضامن معه مشهور أو من بلد متقدم "متحضر"،فلو حدث في فرنسا مثلاً حادث تجد الكل قد تضامن معها و ذهب الملوك و الرؤوساء و الأمراء ليتضامنوا, أما لو حدث ما هو أبشع منه و أكبر في أحد الدول البيئة فلا تسمع لأحد حِساً , إلا بيان قصير يتلوه بواب القصر الرئاسي في أحد البلاد "المتحضرة" وكلام عن الشعور بالقلق و المغص.   فالمُتضامن معه إن لم يكون مشهورا فلا يسمي تضامنا بل يسمي تعاطفا. ورغم أن كلا من المُتعاطف و المُتضامن لا يفعلون شيئا بعيد عن الهتافات و الهاشتاجات و اللافتات إلا أن التضامن يعتبر كلاس و كول غير التعاطف الذي غالبا ما يُعتبر بيئة و سوفاج.  نقطة مهمة آخري في مُحفزات التضامن أن يكون عدد المُتضامنين كبير فهذا يثير لدي المُتضامن الشعور بالتضامن،  أما لو لم يكن العدد كبيراً فغالبا ما يصاب المُتضامن بإرتخاء في تضامنه.

هل هناك شروط يجب توافرها في الشخص المتضامن؟
لايد أن يكون طويل القامة عريض المنكبين ، فنادرا ما تجد قصار القامة مُتضامنين،  احتمال لانهم لم يجدوا من يتضامن معهم في محنتهم.

هل يعتقد المُتضامن في تضامنه؟
طبعا وإلا لما تضامن،  هو يعتقد أن هناك قوي سحرية في التضامن،  يكفي فقط أن تتضامن وكل شئ سيتحقق،  ستُهدم أنظمة،  و تُحرر مُعتقلين،  و ستُرجع الحق إلي أصحابه،  و لو أردت و آمنت بتضامنك أكثر ليس بعيداً أن تُحرر القدس و تُلقي بإسرائيل في البحر.

وما رد الانظمة علي المُتضامنين؟
هذا يتوقف علي أي جهة تتضامن معها،  فإذا كنت تتضامن مع الجيش و الشرطة،  أو مع شارلي ورفاقه ، أو مع "قوي النور" ضد "قوي الظلام" فتضامنك كعدمه ليس له أي تأثير،  فهو فقط للإستعراض بلا أي فائدة مجرد عروض بهلوانية لكي يُداري المجتمع خيبته و فشله. أما إذا كان التضامن مع مُعتقل أو مظلوم أو مقهور فالأنظمة كالعادة تقابله بالإحتقار و الإستهزاء ، فتتركهم يتضامنون حتي يخرج التضامن من آذانهم،  ثم حين تُريد تُلقي لهم بجثة أو تخرج لهم أحد مشاهيرهم،  لكي لا يكفروا بالتضامن،  فتجدهم يصرخون و يهللون قائلين التضامن هو الحل.. التضامن هو الحل.

ماذا يفعل المُتضامن بعد إنتهاء تضامنه؟
ما كان يفعله أثناء تضامنه فالتضامن ليس فعل بل هو حالة،  فالإنسان المُتضامن لا يملك إلا أن يكون مُتضامنا،  هذه هي ماهيته. لذلك لا تغتم حينما تري المُتضامن لا يستجيب إذا نهرته عن تضامنه و عرّفته أنه بلا فائدة و الأفضل أن يبحث عن طريقة آخري لتحقق ما يريد.  كأنك تقول للحمار لماذا أنت بأربع أرجل،  أو لماذا لك ذيل.  طبعا في منتهي العبث أن تفعل ذلك،  فكذلك مع المُتضامن.

هل هناك بديل عن للتضامن؟
سؤالك رغم أنه يبدو برئ،  لكنه نفس السؤال الذي يطرحه المُتضامن حين مواجهته بتضامنه،  عموما مجرد السؤال عن البديل هو دليل علي ماهيتك . بالنسبة لك لا فائدة من البدائل فأنت حيوان مُتضامن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

..إنْ أردتَ أنْ تكتب تعليقاً مُفيداً ففكّر ثلاث مرات، مرة قبل كتابته ومرتين قبل أن تضغط زر إرسال