الأربعاء، 10 فبراير 2016

فصل الدين عن الدين



إنَّ الصراع بين الحق و الباطل مستمر لا ينقطع منذ خلق الله أدم إلي أنْ يرث الله الأرض و السماء،  فعلي المستوي الفردي يعيش كلا منا صراعاً يومياً بين شهواته ورغباته ونفسه الأمارة بالسوء من ناحية و ما يأمره به دينه وضميره وعقله و فطرته من ناحية آخري،  فينتصر في جولة و يخسر جولات،  لكن هذه هي طبيعة المعركة لا الحق ينتصر دائما ولا الباطل دائما منهزم. إنّ الباطل -غالبا- ما يتلبس صورة الحق لكي ينتصر عليه، فنجد الباطل وأهله يحسبون أنهم يُحسنون صُنعا ، ودائمًا ما يزعمون بأنهم لا يريدون إلا الإصلاح ،فنجد أن من يُطلق عليهم علماء و شيوخ يحملون معاول هدم يهدمون به أُسس الدين في نفوس الناس حجراً حجراً.

وتعالي معي لنري كيف يتم هدم الدين بإستخدام الدين نفسه. فأنت تستطيع أن تهدم أي فكرة طالما أنك تمتلك القوة التي تفرض بها وجهة نظرك .هذا بالإضافة إلي امتلاكك لكافة وسائل غسيل الدماغ من راديو و تليفزيون و صحافة وشيوخ وعلماء ومثقفين طوع أمرك وملك يمينك،  ففي البداية لابد من تهيئة "الرأي العام " لعملية الهدم،  فمن الخطأ أن يكون الأسلوب واضح و مباشر لانه سيأتي بنتائج عكسية بل لابد من التدرج فتبدأ من البعيد الفرعي و ثم رويدا رويدا تدنو من القريب الأصلي بمعني أن لا تبدأ هجومك في البداية علي أُسس الدين و ثوابته بل خذ قضايا فرعية تصطدم مع ما ربيت عليه "رأيك العام"،  فمثلا قضية كرضاع الكبير أو هدم الاهرامات وابو الهول باعتبارها أصنام يتم تسليط عليهما الضوء وتخصيص ساعات للمناقشة و الحوار ، ويخرج الشيخ الضيف من هذه القناة،  ليدلي بحديث صحفي لتلك الصحفية عن نفس الموضوع،  إلي أن تصبح حديث الناس،  التي بطبيعة الحال تضحك من الشيخ الذي يقول "بالرضاع" خمسة رضعات مشبعات من زميلتك في العمل،  او ذلك الذي يريد هدم الأثار التي تدر علي مصر المليارات. ثم بعد هذا تبدأ "الجوقة" من حُثالات شيوخ الأزهر و زبالات العلمانية،  ودعاة أمن الدولة في تفنيد تلك الأقوال بين مُؤيد و معارض،  بين من يقول أن هذا ليس الإسلام و بين من يقول أن هذا هو عين الإسلام ، وليس المهم من يستطيع إثبات وجهة نظره فقد تحقق لك ما تريد. فقد استطعت أن تجعل الناس تضحك -دون أن يشعروا- من دينهم وتتهمه بالتخلف. ثم بعد أن تفتح شهية الرأي العام للهدم ابدأ في تصعيد الوتيرة ، فرضاع الكبير التي جعلتها قضية رأي عام والذي لم يخيبك رجائك وكان عند حسن ظنك وسخر وتهكم و سب و شتم من يقول تلك المقالة أو يؤيدها،  وجه نظر الرأي العام إلي المصدر الذي بٌنيت عليه تلك الفتاوي، وحاذر أن تتهور و تذهب مباشرة إلي إتهام الدين كله ولكن وضح أن كتب "التُراث" تحوي الكثير من تلك "الطامات" و التي يجب مراجعاتها و حذفها لكي يعود الدين إلي النبع الصافي كتاب الله و سُنّة رسوله صلي الله عليه وسلم(1)، وأن الأزهر - وهي مؤسسة مملوكة للدولة-  منوط بها هذا التنقيح للتراث لإخراج أجيال مُستنيرة بعيد عن أولئك الشيوخ المُخرفين -وهم أيضا أبناء النظام وخُدامه- لكن لا يضر فيجب حبك التمثيلة.

استمر في طرح هذا النوع من القضايا بكثافة، وعندك شيوخك يأتون إليك بكل غريب مُهمَل في الدين،  وعلمانيك ومُثقفيك مستعدون للظهور لكي يدافعوا عن الدين " الوسطي ". أصبح لديك فريقين يلعبون بإسمك فريق يتكلم بإسم الدين وفريق يتكلم باسم الدين أيضاً ، فريق يمثل الدين "المُتخلف"كما صورته في نفوس الناس عبر عشرات السنوات وفريق يمثل الدين "المُستنير" كما تريده أن يكون،  و يا تُري مَنْ يكسب؟ -بالتأكيد الفريق الثاني، هل يقبل أحد أن يتبع ديناً "مُتخلفاً "؟ الكل سيجيبك بالنفي طبعاً. إذا لتبدأ المرحلة التالية،  أصبح لديك دين جديد تستطيع أن تعدل فيه كما تريد بالحذف أو الإضافة،  والرأي العام سيؤيدك ويشجعك. فهيا بنا لهدم الأصول. وكما قلنا الحكمة في التدرج الوقت مِلكَنا والرأي العام ليس ورأه إلا مُشاهدتنا. فما رأيك لننتقل إلي السُنّة،لذلك يجب تعديل كلمة التُراث بكلمة السُنّة؛  استمر في طرح قضاياك، لكن اجعل نقدك أشد حدة و قضاياك أكثر قُربا من المركز. فمثلاً تكلم عن ما في البخاري من أحاديث لا يقبلها عاقل و لا يصدق أنها صدرت عن الرسول الكريم الذي عُرف بنظافته وطُهره،كحديث التداوي ببول الإبل ، طبعا  بما أن "الرأي العام" في غالبه لا يعرف معني الإبل أصلاً وهل هي حيوان أم نبات، لكن بما أنه ذُكر في الامر بول فلابد أن الامر شنيع مقزز. سيقولون :"لا طبعا لا نقبل هذا الحديث ولا يمكن أن يكون صدر عن الحبيب المُصطفي ". إذا يجب تنقيح السنة،  ففيها من الطامات ما يشوّه الإسلام ماذا سيقول عنا الغرب إن قرأ مثل تلك الأحاديث.

ومن يا تُري عليه الدورالآن، طبعاً إنهم رواة الحديث و جامعوه،  فلولاهم لما وصلت إلينا كل تلك الخُرافات،  لابد أنهم مُغرضون كانوا يريدون هدم الإسلام ولكن لأنّ الإسلام كان قويا مهاب الجانب فلم يجدوا إلا الطعن في نبينا عن طريق وضع وجمع أحاديث مكذوبة تشوه صورته وصورة الإسلام السمحة،  لا نريد لا بخاري ولا مسلم فكتبهم مليئة بالخرافات و الطعن في رسولنا الكريم، حسبُنا كتاب الله.

 لقد قطعت شوطا طويلا في هدم الدين وصناعة دين جديد يناسب أغراضك لم يتبقي إلا القليل،  لكن خذ حذرك فكلما إقتربت من الأصل زادت المقاومة ، انت بحاجة ليد جراح و مشرط حاد لكي تقطع ما تبقي من أعصاب و شرايين التي تصل القلب ببقية الجسد و تكون العملية قد تمت بنجاح.

نأتي للقرآن، "فرأيك العام" قال حسبُنا كتاب الله كما أردت،  فكيف تجعله يتركه هو أيضا. بسيطة سنستخدم نفس الإستراتيجية،  نبدأ بقضايا فرعية ثم رويدا رويدا نقتحم "بالمُفخخات" بقية النقاط الحصينة. نطرح قضية ضرب الزوجات مثلا،  موضوع مثالي للاقتراب وجس النبض، فنحن في عصر حرية المرأة. اذا رأيت مقاومة لا تحاول اﻹقتحام تمهل سنحاول الإلتفاف. فلا داعي للعنف في تلك المرحلة، بعد فترة نتكلم عن تعدد الزوجات، هو موضوع مُستهلك لكن لا يُضير المهم هو أننا نتقدم، ثم نأتي إلي المهم الجهاد،  نعم الجهاد هو هذا ومناسب للأوضاع الحالية، فلتأتي بالفريقين ليدافع كل منهما عن الدين ، لكن هذه المرة سيكون موضع الإتهام ومنبت الشر هو القرآن،  ففيه آيات تدعو إلي قتل "المدنيين الأبرياء" وسبي الأطفال و النساء .

هل الله الرحيم يأمر بالقتل؟ يتسائل أحد الفريقين ببراءة،  الشيخ في الفريق المقابل يتلعثم و لا يعرف بماذا يجيب،  الرأي العام يتابع بشغف فتلك المناظرات تجعله يعتقد أن عينيه قد تفتّحت و أنه أصبح مُستنيراً لا يستطيع أحد أن يستغفله بعد الآن. الشيخ يقول بأننا لا نناقش النصوص هکذا أمرنا الله و نحن نسمع له و نطيع .

أوه! لقد وقع الشيخ في شر أعماله فهذه هي الإجابة التي كان ينتظرها الفريق المُنافس،  كما لو أن هناك ترتيب من تحت الطاولة لكي يقول الشيخ هذا لكي يرد عليه مثقف "مُستنير" بأن الإسلام لا يأمر بالطاعة العمياء فأول آية في القرآن هي إقرأ فنحن أمة القراءة , أما أنتم تريدون أن تصنعوا كهنوتا في الإسلام فنسمع لكم أنتم ونطيع إنكم تتاجرون بالدين،  لكن خلاص انتهي هذا, ستزول دولتكم(2)، أقصد ستزول سلطتكم الدينية فالإسلام ليس به كهنوت ولا طاعة عمياء. هنا الرأي العام منبهر بما يسمع فقد استطاع هذا المثقف أن يكيل الضربات لهذا الشيخ دون أن يستطيع أن يردها عليه.

يواصل المثقف حديثه: "الله إله رحيم لا يُمكن أن يأمر بقتل الأبرياء والإسلام ما جاء إلا لعتق الإنسان من عبوديته لإنسان آخر، وما آيات الجهاد والسبي و الجزية إلا آيات نزلت في وقت محدد و لزمن محدد وانتهت." يسأل الشيخ بعد أن التقط أنفاسه سؤال فيه الكثير من الخُبث فيقول له وماذا نفعل بتلك الآيات الآن هل نحذفها أم ماذا؟ ، المثقف يفرك يديه بفرح فهذا هو السؤال الذي سهر ليلة أمس في حفظ إجابته. يجيبه المثقف كيف يا شيخ ترد مثل تلك الخاطرة في فكرك؟! كيف نحذف من كتاب الله؟!  اتهزء بكلام الله يا شيخ؟!  والله أمر عجيب،  لا نقول هذا طبعا،  ولكن يجب جمع كل تلك الآيات التي تتحدث عن القتل والسبي والجهاد والتي تهاجم عقائد الآخرين من أخوتنا المسيحيين أو اليهود في كتاب واحد ولا تُدّرس للاطفال بل يدرسوا الآيات التي تحُض علي المحبة و العيش المشترك.

إذاً لن نحذف شيئاً مجرد "إعادة ترتيب" فالأطفال لا يجب أن يعرفوا عن القتل و السبي فهم أطفال أبرياء لماذا نريد أن نُفقِدهم برائتهم؟  هكذا يتلقي الرأي العام القضية. الآن الرأي العام مستعد تماما للخطوة الأخيرة. إذا كان الله الرحيم قد أمر بالقتل والسبي وقال علي أخوتنا في الوطن كفار والعياذ بالله(3) فكيف يكون إلهاً رحيماً ؟ إن هؤلاء الأرهابيون هناك يستندون علي تلك النصوص لكي يُشرِعوا القتل و الذبح والحرق بإسم الدين. لا لابد أن هناك شيئا خاطئا،  تلك النصوص ليست من الإسلام أصلا بل وضعها الرواة بعد موت النبي الكريم، نعم هذا هو،  تم وضع تلك النصوص من أجل استمرار الفتوحات التي كانت تجلب المال و العبيد والنساء.  انتهي الهدم لم يعد هناك شيئا لتفعله فما تبقي سينهدم لوحده سريعا فستجد الناس بين من  يمارس شعائر وطقوس كعادة فقط  ومسلم بالبطاقة ومُلحد .

جزء مهم من نجاح استراتيجية الهدم هذا هو الإطار الذي تتم فيه،  فمثلاً موضوع مثل التداوي ببول الإبل لو تم طرحه في إطار أن العلم أثبت مثلا أن لها تأثير علي القدرة الجنسية للرجال،  أو أنها تُبيض بشرة النساء. فلن تري اشمئزازاً ولا إتهام العلم بالتخلف و الجاهلية، بل لوجدت المشروب الرئيسي في المقاهي و البيوت هو بول الإبل ، ولوجدت النساء لا حديث لهم إلا عن فوائده للبشرة والشعر, ولأنتج "شانيل" عطراً خاصا مستخرج منه وسماه "سحر الناقة" و لأصبحت حمامات السباحة عبارة عن مبولة للإبل ، ولتغير النسر في منتصف العلم ليصبح جملاً؛ بل لإنتشرت تربية الإبل فوق الأسطح والبلكونات(4) ، لكن بما أن الموضوع يُطرح في إطار الدين "المُتخلف" في مقابل الدين "المُستنير" فبالتأكيد ستري غالبية الناس -لكي لا تُتهم بالتخلف- تقف مع الفريق الثاني.

ولو عكسنا الأمر فلو قلنا أن في السُّنة مثلا ما يدعو المريض بمرض في أمعاءه أن يحقن نفسه بالبراز من شخص سليم كعلاج، فماذا ستجد الناس يقولون؟  طبعا الإشمئزاز و التقزز والسب والشتم  والإتهام بالتخلف وتشويه الإسلام الوسطي المستنير دين العقل. لكن فعلا في الواقع العملي العلمي هناك بنك للبراز يتبرع به الأشخاص الأصحاء ببرازهم، الذي يتم حقنه بعد ذلك شرجيا أو من خلال أنبوب فم-معوي، وهناك أيضا حبوب تحتوي براز مُجفف لمرضي إلتهاب القولون الناتج عن فقدان التوازن الحيوي للبكتيريا المبطنه له نتيجة لكثرة تعاطي المضادات الحيوية أولأسباب آخري وتعتبر هذه الطريقة علاج فعال لهذا المرض، بل ويتم استخدام البراز البشري بشكل تجريبي لعلاج أمراض كالأمساك المزمن والقولون العصبي وبعض الأمراض عصبية المنشأ كباركنسون وقد أدرجت منظمة الأغذية و الأدوية الأمريكية البراز كدواء تجريبي منذ 2013 .الشخص المشمئز حينما تعلق الأمر بالدين ستجده حين يسمع ذلك ستنبسط سريرته فهو يعاني منذ سنين من قولونه  وليس ببعيد أن يذهب ليجرب العلاج بالبراز.

وبما أننا نتكلم عن البول و الخِراء ولكي أزيد اشمئزازك أسألك هل يوجد إنسان لا يتبرز؟ كلنا نفعل ذلك لا شئ مُخجل أو مَعيب في هذا. فالآنسة الكتكوته هذه و الأستاذ المحترم هناك والرئيس العبيط القابع فوق رؤوسنا و العالم العبقري الذي يعيش في مكوك فضائي  كلهم يتبرزون،  فكلنا نسير و نحن نحمل تلك "القاذورات " في بطوننا، يعني تري شخص أو آنسه وهو يرتدي أشيك الملابس ولكن في داخله مقلب قمامة ورائحة تقرف الكلب،  ثم بعد ذلك تجد ناس يشمئزون من أشياء غريبة وهو لو نظر لنفسه وتأمل لإنتحر من هول إشمئزازه،  الإنسان دائما ينسي كيف كان وما الذي سيصير إليه، كان نُطفة حقيرة  وسيصير جثة عفنة. 

وبالنسبة لرضاع الكبير بعيدًا عن جوازه من عدمه،  في المجتمعات المتحضرة المتقدمة مواقع علي الإنترنت يمكن منها شراء لبن بشري طبيعي ويتم بيعه لمن تحتاج من الأمهات التي يتعذر عليها إرضاع طفلها،  بل ويشتريه أيضا ويشربه بعض لاعبي كمال الأجسام لإعتقادهم بأن له فوائد كبيرة في نمو العضلات. لا أقول هذا من منطلق تبريري أو دفاعي بل فقط لأُبين لكم كم هم مُغرضون حينما يعرضون تلك القضايا للرأي العام. 

نتكلم الآن عن الشيوخ الذين يثيرون تلك القضايا، ويظهرون علي الشاشات فيخرجون من هذا الأستديو لأحد القنوات ليذهبوا إلي الأستديو المجاور لقناة آخري ثم ينهون جولتهم بإعطاء تصريحات "نارية" للصُحف و الجرائد. هل هم واعون لما يفعلونه ؟ هل لديك إجابة؟ هل مازلت تعتقد أنهم "مُخلصون"؟ ماذا لو قلت لك أن بعضهم فعلاً مُصاب بالعته , هل تُصدقني؟ 

تخيل معي -فقط لإيضاح فكرتي-  أن واحد من هؤلاء الشيوخ ذهب إليه أحد الملاحدة و قال له :" يا شيخ أنا لست مؤمن لا بالله ولا بالرسول وأري أن كل هذا ما هي إلا خرافات تضحكون بها علي الناس . ومُستعد أن أثبت لك ذلك بالدليل. فلنعقد مُناظرة بيني و بينك علي قناة "الحقيقة" ولندع الرأي العام يُقرر مَنْ منّا علي الحق. الشيخ متفاجئا يرد بأن ليس لديه مانع في ذلك علي شرط إلتزام أداب المناظرة . فيتفقان وتُعقد المناظرة التي سبقتها حملة دعاية كبيرة جعلت الشوارع في الساعة التي عُقدت فيها المناظرة خالية تماما كيوم مبارة القمة بين الأهلي و الزمالك . فالجميع مُتسمّر أمام الشاشات قبلها بنصف ساعة.

تبدأ المناظرة ويبدأ المُلحد بالكلام و يستعرض أدلته عن انكاره وجود الله وتعارضه مع وجود الشر في العالم والخرافات التي يقول بها المتدينون عن خلق أدم ونشأة الكون والتي قام العلم بدحضها وبيان سخفها , مروراً بما تسبب به الدين من حروب ومذابح عبر التاريخ بإسم هذا الإله المُفترض. وأنّ العالم سيكون أكثر سعادة وتقدم حينما نتخلص من التفكير الخرافي الذي يفترض عوالم من الألهة و الأشباح و الجن و الحياة الآخرة التي لا و جود لها إلا في عقول مُخترعِيها.

ثم تُعطي الكلمة لشيخنا الحبيب و الرأي العام "المُتدين" كله مُنتظر ما الذي سيقوله، وكيف سيهدم كل حجج هذا المُلحد في دقائق. فشيخنا معروف عنه قوة منطقه و طلاقة لسانه . بعد أن يُبسمل ويصلي ويُسلّم يقول أن خروج الريح هي من مبطلات الوضوء ففي سنن أبي داود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا فسا أحدكم في الصلاة فلينصرف فليتوضأ وليعد الصلاة).

طبعا الملاحدة إنفجروا ضحكًا .ما الذي يقوله هذا المعتوه , أرأيتم أيها المتدينون هؤلاء هم شيوخكم . لا منطق ولا حُجّه ولا عقل نكلمه عن وجود الله فيكلمنا عن خروج الريح. ما قاله الشيخ ليس فيه ما يُشين أو يَعيب , فكلنا بما فيه هؤلاء الملاحدة  يُخرج ريح و يتبرز و يتبول . لكن كما قلت سابقاً "الإطار" الذي ذُكر فيه هو الذي جعله مُضحكا مثيراً للسخرية و التهكم . هذا بالإضافة إنه أظهر أن شيخنا "معتوه" فعلاً , لأنه لم يدرك تبعات ما يقوله-طبعا نحن نفترض حسن نيته- لكن علي أية حال فمعتوه حسن النيه هو سلاح أشد وأنكي لتستخدمه في هدم الدين من مُلحد مُتزن يهاجم الدين مباشرة ويطلب الحُجة والدليل.

"الرأي العام" مُقسم إلي شرائح فهناك شريحة ليست بالقليلة من المتشككة والملاحدة و شريحة عريضة من الجهلة والأغبياء ثم شريحة المتدينون والتي بدورها مُنقسمة لتوجهات و نزعات فكرية مختلفة . حينما تظهر و تُخاطب "رأياً عاماً" كهذا و تكلمه عن البول و الرضاع و جماع الموتي وهدم الأصنام، ولا تتكلم عن الظُلم و الفقر و الإغتصاب والفسدة والمفسدين بل تظهر وتعمل في قنواتهم المسماة "إسلامية" مملوكة لمن حرفوا الدين ويعملون علي هدمه -كل باسلوبه- ليل نهار ؛ فإمّا أنت مأجور أو معتوه أو الأثنين معاً .

إن هؤلاء الشيوخ حتي حينما يناظرون و يجادولون من يطعن في الدين سُرعان ما يتناقضون مع أنفسهم و ينكشف عبث ما يفعلونه .فبعد سنوات من المجادلات والمناظرات والحوارات التليفزيونية بين "أهل السنة" والشيعة ، والتي تُشكّل مجالاً لاستنفاذ طاقات الناس في شئ بعيد عن "كُرسي الحكم" ولإعطاء شرعية لمن يحكمون بأنهم المدافعون عن الدين الصحيح،  وصناعة أبطال من نوعية "أسد السُنّة"،  ومنتديات تحت عنوان "أبناء عائشة"،  يُصبح الشيعة أخوة الوطن،  و حسينياتهم مساجد يُذكر فيه الله،  ومن يستهدفهم فهو عدو للإسلام يريد الفتنة الطائفية. وبعد أن كان لا يجوز تهنئة النصاري بأعيادهم، يُصبح النصاري "مؤمنين" و موتاهم "شُهداء"، فهم يعبدون الله ويدافعون عن الوطن لهم ما لنا و عليهم ما علينا .  

ختاماً لكل شيخ معتوه لا تكن مِعول هدم بعتهك وغباءك . هناك مشافي خاصة لأمثالك .المرض ليس عيباً . لكن كل العيب أن تتفاخر به وتنشره بين الأصحاء.
--------------------------------------------------------------------------------------
(1)في البداية يجب أن تُظهر الإحترام والتبجيل ,و شيئاً فشيئاً حينما يتقبل الناس كلامك قُل النبي فقط ثم بعد فترة قُل نبي الإسلام ثم أخيراً قُل محمد بلا أي إضافة.
(2)يعتقد البعض أن المتآمرين و العملاء و المأجورين لا يخطئون و أنهم يفعلون دائما ما يُطلب منهم و هذا غير الواقع فهم في النهاية بشر و قد تجول في خاطره أن يتمرد أو يظن أنه يستطيع أن يعمل "لحسابه",أو يُغريه "طرف ثاني" للعمل عكس مايريده "الطرف الأول" لذلك هناك وسائل كثيرة للسيطرة علي هؤلاء و مراقبة حركاتهم و سكناتهم لوأد أي محاولة للتمرد أوأي "غواية" شيطانية.
(3)مثل هذا التناقض الصارخ منتشر بشدة في منطقتنا , فتجده يقول الكلام و نقيضه في نفس الجملة بأريحية بدون أي مشكلة , يُذكروني "بثوار" مصر الذي رفضوا التعاون مع الإخوان المسلمين لأنهم خانوهم و باعوهم للمجلس العسكري . فماذا فعلوا يا تُري؟ ذهبوا وتعاونوا مع المجلس العسكري الخائن نفسه، عته!!!
(4) سيواجه الناس بالتأكيد مشاكل عملية كثيرة لكن في سبيل القوة الجنسية وبشرةبيضاءناعمة تهون كل المصاعب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

..إنْ أردتَ أنْ تكتب تعليقاً مُفيداً ففكّر ثلاث مرات، مرة قبل كتابته ومرتين قبل أن تضغط زر إرسال