الأربعاء، 15 يونيو 2016

البحث عن الجين المفقود 2

(2)

 حاولنا في خطوتنا الأولي التعرف علي الأصل اللغوي لكلمة "عرص" ووضعنا تعريفاً لمعناها الإصطلاحي فقلنا أن "العرص" هو :"كل شخص يصدر عنه قول أو فعل بغرض تزييف الواقع أو أن يكون هذا القول أو ذلك الفعل مُناقض للوقائع سواء أدرك الشخص ذلك أو لم يُدركه" ثم إنتهينا إلي أن التعريص -طبقاً لهذا التعريف- ليس حكراً علي "أهل الباطل" بل قد يقول و يرتكب التعريص من يُدافعون عن "الحق" ظناً منهم أنه مادمت في صف الحق فلا يمكن أن تكون "مُعرّصاً".

 خطوتنا الأولي تلك في غاية الأهمية لأنها تُزيل اللبس عن أصل وإستخدام الكلمة الصحيح. فتلك الكلمة ليست مُجرد "شتيمة" ، بل هي كلمة مُعبرة و مهمة لأنها تصف حالات من الكلام و الأفعال التي يصعب توصيفها بأي كلمة آخري. وقد يري البعض أن هذا لا أهمية له فعلي كل حال "العرص عرص"(1) كما يقال سواء عرفنا معني الكلمة وأصلها أم لا. و لكن كما يُقال أيضاً: "إن مُعظم مُشكلاتنا الفلسفية هي في الأصل مُشكلات لغوية" وسآتي لك بمثالين لتري بنفسك أن اللغة وهي وسيلة التواصل الرئيسية بين البشر -تكلماً و سماعاً و قراءة و تفكير- من الممكن أن تكون هي نفسها التي تُسبب عدم الفهم و الإختلاف و الفُرقة.

 (1)الله في الإنجيل(2)

 في ترجمة الإنجيل بالعربية جاء الآتي :" لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكى لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية "(3) طبعا نحن هنا لسنا بصدد مُناقشة عقائدية عن كيف يكون للإله ابن و كيف يُضحي به من أجل أن "يُكفّر" عن خطايا البشرية ما يعنينا في هذا النص أن فيه مشاكل عدة سنقتصر علي اثنتين منها أولهما كلمة "الله" و الثانية كلمة "ابنه" ففي النص الأصلي اليوناني لم ترد كلمة الله نهائياً -و هذا طبيعي فلم يكن قد ظهر الإسلام أصلاً- بل ورد لفظ "ثيؤس" و تعني إله. فالله هو اسم علم مفرد لإله مُعين وليس إسم عام يُطلق علي أي "إله". قد يقول أحدهم أنه تمت الترجمة هكذا لكي يكون أقرب لفهم المتحدثين بالعربية لكن تلك الحجة مردود عليها ففي كل الترجمات المعروفة للإنجيل تم الحفاظ علي هذا المعني ففي اليونانية مثلا لم يتم استخدام "زيوس" كبير الألهة اليونان و لا "اودين" في الترجمة الألمانية ولا "جوبيتر" في الترجمة الإيطالية و قس علي ذلك بل إستخدموا لفظ "Theos" "Dio" "Gott"  وهي كلها تعني إله بشكل عام لماذا إذا في العربية تم إستخدام كلمة الله؟! هذا الإستخدام أدي بكثير من "المسلمين" بالإعتقاد أنهم هم و المسيحيين يعبدون نفس "الإله"، ولكن الحقيقة أن ذلك الخطأ (4) أدي لخلط كثير من الأوراق حتي سمعنا مرسي العبيط يقول أنه لا يوجد خلاف عقائدي بين الإسلام والمسيحية بل هو مجرد "خلاف ديناميكي" فهو و جماعته و كثير من المسلمين يعتقدون فعلاً ذلك، فهو لا يقول هذا من باب "الحنكة السياسية" لا أبداً، هم رأوا مكتوب في الإنجيل "الله" وهُم يعبدون الله إذا لا خلاف بين اﻷثنين،  مجرد "تفاصيل تافهة" لا تستوجب أن يُقال عنهم "كُفار". لستُ مُحتاجاً أن أُشير أن التصور الإسلامي للإله مغاير تماماً للتصور المسيحي فمن وحدانية صافية يقابلها "ثالوث" مُركب. ومن تنزيه عن كل نقص يقابله مخالطة للبشر و تجسد و حلول.

 بالنسبة للكلمة الثانية "ابن" وهي من الألفاظ المُشتركة فتارة تُطلق و يُراد بها البنوة الحقيقة و تارة يُراد بها معاني آخري فيقال هذا الولد ابن بيئته أو هذا الرجل ابن بلد و حتي قد تستخدم في الشتيمة و السباب فيقال هذا الرئيس ابن كلب . المسيحيون لا يقولون أن يسوع هو إبن الإله كما نفهم نحن أن فلان إبن فلان .فالإله لم يلده كما تلد الأم وليدها بل هي "ولادة"(كلمة مُشتركة آخري) "روحية"(لا نعرف ما هي الروح أصلا) فقد "انبثق "(كلمة مُشتركة)الإبن من "الآب"(كلمة مشتركة) طبعا ناهيك عن السؤال عن الروح القُدس و هناك خلاف هل " انبثق" من الإبن فقط أم من الآب فقط أم من الإثنين معاً.  فبدأنا من كلمة "الإبن" الذي هو ليس ابن كم نتصوره إلي كلمة مُشتركة آخري و هي "الآب" لكنها ليس كما نتخي، إلي "الإنبثاق" الذي لا ندري كيف يكون ولا ما هو إلي الروح التي نجهل كينونتها. فمن مجهول واحد "الإبن" أصبح لدينا عدة "مجاهيل" تُفسره  وأؤكد لك أنه كلما تكلمنا ستزيد عدد المجاهيل و الكلمات التي لا تحمل في داخلها أي معني إلي أن تصبح الكلمات مجرد حروف و أصوات و طلاسم و أسرار "كنسية" لا أحد يستطيع فهمها ولا حتي "أبونا" ولا "أبوهم".


 (2)الدولة الإسلامية خوارج.

 كُلنا سمعنا و رأينا شيوخ و علماء علي شاشات التليفزيون و صفحات الإنترنت ليل نهار يرددون "الدولة الإسلامية خوارج" و الدليل "إنهم خرجوا" و "مرجعوش" . كلمة خوارج التي يستخدمها هؤلاء لا تحمل أي معني اللهم إلا إذا أردنا بهذا اللفظ الذين يخرجون من البيت أو البلد أو الكوكب أو حتي المجرة كلها. كلمة خوارج والتي أُطلقت "ظُلماً" علي من خرجوا علي عليّ و حاربوه لرفضهم التحكيم ثم أصبحت تُطلق علي كل من تسول له نفسه الخروج عن طاعة "وليّ الأمر" و لو "اغتصب وسرق وهتك مالك وعرضك" ففي الحقيقة يصبح مُعاوية -بتعريفهم- هو أول الخوارج وتُصبح دولة بني أُمية كُلها خوارج ثم دولة بني العباس تُصبح هي اﻵخري خوارج ويُصبح كل من جاء بعدهم دول "خوارج ولاد خوارج ، بل يُصبح سعود ورفقائه وشيوخه أيضاً خوارج وتضاف "الخارجية" لعملاتهم للإنجليز. ويكون من الأولي بدل أن نقول "التاريخ الإسلامي" أن نقول "تاريخ الخوارج". هل هناك عبثاً أكثر من هذا؟!

 نعم هناك الأكثر عبثاً هؤلاء الذي ينفون عن أنفسهم أنهم خوارج. فعدوك قد أوقعك في مصيدة لا يمكن أن تنجو منه، ببساطة لأن كلمة خوارج  تم استخدامها عبر كل التاريخ الإسلامي لقمع أي باردة "للخروج" علي "المعصوم" الذي هو "ولي الأمر" و تم و ضع النصوص و الأحكام طبقاً لما يراه "طويل العُمر". إنه كما في عصرنا "المتنيل" تُسَن الدولة قانونا "مائعا" و تسميه "قانون محاربة الإرهاب(الخروج علي الحاكم)" هذا القانون قد يُطبق علي كل الناس حتي الجنين في بطن أمه و يحاكم بتهمة "الإرهاب" فيجئ محامي عرص -وما أكثرهم- يترافع عن أحد الذين أُخذوا ظلماّ و يترافع و يُطالب المحكمة و النيابة و يصيح و يولول و هو يعلم جيداً أن الحكم قد تم "إمضاءه" من شهور و أن كل تلك الإستعراضات هي فقط لكي "نفخر" بقضائنا الشارخ الشامخ. إن إنكارك تهمة هي في الأصل ليست تُهمة هو الغباء بعينه. من خلال لفظ بسيط "خوارج" تم حشوه عبر مئات السنوات "باجتهادات" شيوخ "طويل العمر" استطاع هذا "الطويل" أن يجعلنا كلنا خوارج وبدل أن نفخر بأننا لسنا نعاجا تُساق للذبح تجدنا ننفي ونُنكر تلك الفضيلة السامية. طبعاً دعك ممن يقولون بأن الخوارج يُكفرون بالكبيرة ويأكلون الطعمية مع البيرة فمن "المذاهب" الإسلامية مَنْ يقول بأبشع من ذلك لكن بما أنها "مذاهب" مُطيعة فهم إذا ليسوا خوارج.

 يكفي أن تري "شيوخ و علماء الدين" المسلمين اليوم كيف "يلحسون" التراب الذي يمشي عليه الحاكم و "يُكيّفون" النصوص و الأحكام لإرضائه وقارنها بما حدث للإمام أحمد بن حنبل في محنة خلق القرآن و كما أن شيوخ ذلك العصر كانوا كعصرنا ما يقوله "المعصوم" هو ما يكون حتي لو كان كُفراً وإلحاد؛ لتدرك أن محنتنا اليوم أشد وأعظم من محنة خلق القرآن. فبالأمس كان الإمتحان بسؤال: هل القرآن-الذي هو كلام الله- مخلوق أم لا؟ فمن قال مخلوق نجي و من قال لا سُجن و عذب أما اليوم فالإمتحان بسؤال :هل القرآن كلام الله أصلاً ؟ من نفي نجي و اغتني و من أقر حُرِبَ و قُتّلَ و أُتُهِمَ بالخارجية.

إن "الإختراق الفكري" يأتي أساساً باستخدام كلمات و مفاهيم ومصطلحات غامضة وفضفاضة بل وفي بعض الأحيان فارغة. إن هذا اﻹختراق أكثر نجاحاً و دواماً لأنه لكي يكتشف المُختَرَقون هذا الإختراق عليهم أولا "الخُروج" من تلك الدائرة التي وضُعِوا فيها. خذ مثلا كلمة "مصر" و قل لي ماذا تعني؟ تقول هي دولة لها حدود جغرافية معينة يسكنها شعب(وحمير وبقر و بغال) إلي آخره لكن جرد اللفظ من الحدود تلك و الشعب و بهائمة يصبح لديك فكرة هُلامية بلا أي معني فنري عبارات كـ "مصر قلب العروبة و طُحال الإسلام و إست الإنسانية" "تحيا مصر" " "مصر أمي و خالتي و عمتي" "إنتوا هتاكلوا مصر يعني" و "صَبّح علي مصر"  و "قومي يا مصر" (5)  كلها عبارات بلا أي معني مجرد تكرار لكلمة تم تجريدها من معناها ووضعت في عبارات بلهاء غبية حتي لو سئلت من يرددونها عن معناها فغالبا سيسُبونك بإعتبارك لست "مصرياً" لتسأل هكذا سؤال " فمصر هي مصر و هتفضل مصر" إن هذه الطريقة في الإختراق إذا استطعت تنفيذها بنجاح تضمن لك الحُكم و السيطرة و "حلب" البقرة حتي آخر قطرة يكفي أن تقول "من أجل مصر" وستجد كل البقرات مُستعدة للحلب حتي الثيران سينبت لهم أضرُع.

جماعة الأخوان و طالبان و غيرهما تُقدم لك نموذج حي علي هذا الإختراق الفكري، وطبعاً هناك الإختراق التقليدي بعملائك وجواسيسك لكنه محدود وله هدف وقتي لأنه سُرعان ما يتم كشفه أما الإختراق الفكري فهو فعال وشبه دائم (غالبا ما تنحل الجماعات و التنظيمات  المُخترقة فكرياً حتي قبل أن تكتشف أنها تم إختراقها). ولكي تجعل فريستك دائماً محلك سر ولا تكتشف هذا الإختراق عليك دائما بإشعارها أنها حصينة وأن قادتها مُخلِصون ولا بأس من آن لآخر أن تعتقل أو تقتل قادتها وكوادرها فهذا كما أنه يعمل علي تفكيكها وانحلالها فهو كذلك يجعل أعضائها أكثر تمسكاً بأفكارها والتي قمت بإختراقها بنجاح بما يُناسب مصالحك . وهذا يُفسر لماذا أُغتيل أختر منصور (6) وهو لا يمثل و جماعته أي خطر حال علي الغرب وكذلك تستهدف إسرائيل قادة حماس مع أن خطرهم علي إسرائيل كخطر الذُبابة علي الفيل. و النظام المصري يستهدف قادة وجماعة الإخوان مع أنهم "نايمين شاربين" من نفس البقرة المعتوهة. وهكذا يتم تحييد خطر أي جماعة أو تنظيم فتصبح كخيال المآته لا يخاف منها إلا "العصافير". فيمكن أن تستخدمه لبعض الوقت لإخافة أعداء جُدد لم تنجح بعد في إختراقهم (مثلا استخدام طالبان في افغانستان او القاعدة في اليمن وسوريا لمحاربة الدولة الإسلامية أو حتي استخدام الإخوان في 25 يناير لوأدها في المهد) أو تُشعل فيه النار لتتدفئ به في الشتاء القارص البرودة.

قد يدور في ذهنك و ما أدراك أن الدولة الإسلامية لم يتم إختراقها فكرياً هي الآخري ؟ أقول لك بما أنني خارج دائرة الإختراق(7) فبسهولة أستطيع أن أكتشف مَنْ مُخترِق مَنْ. فحينما تسمع كلمات مثل الوطن ومؤتمر القمة والمصالحة الفلسطينية وحق الجوار ومحادثات السلام وإخواننا بغوا علينا والعسكري الغلبان وحدود 67 والقدس الشرقية وحربنا في داخل الإمارة فقط والجيش الوطني وتراب بلدي ونحتفظ بحق الرد والخطوط الحمراء والصفراء والبمبية  رجال زي الدهب ونساء زي البقر ولن نسمح أبداً تدرك أن تلك التنظيمات مُخترقة من المرشد أو القائد العام نزولاً إلي سواق التاكسي الذي يركب فيه أصغر عضو من أعضائها. حينما تري أو تسمع أن الدولة الإسلامية بدأ خطابها و أفعالها تستخدم مثل تلك المصطلحات وأشباهها حينها ممكن التكلم عن الإختراق. لكن حتي الآن لا مؤشرات واضحة لذلك.

 كما رأينا في المثالين السابقين أنه إنطلاقاً من استخدام كلمة قد تبدو مناسبة أنه ممكن أن ينقسم دين إلي مذاهب و فرق و شيع و تُخترق تنظيمات و جماعات و" يُجتهد" لسن أحكام و قوانين فضفاضة تهدف لتأبيد حُكم "المعصوم". عليك الآن أن تكون أكثر حرصاً في اختيار ما تقول و تكتب فحتي هذه التدوينة قد لا تخلو من عبارات خاوية فضفاضة بلا معني.

نعود الآن إلي جين التعريص الملعون فمن صعوبات البحث عنه أنه ليست له أي مظاهر خارجية جسمية نستطيع بها تمييز الشخص الذي يحمله عن غيره فتجد الأسود و الأبيض الطويل الأهبل و القصير القُزعة العاقل و العبيط . واحتمال أن هذا من أسباب نجاحه في نشر نفسه فلو كانت له علامات ظاهرة لإستطاع أجدادنا "وأده" قبل أن ينتشر هذا الإنتشار الواسع. لكن هذا الجين وظيفته الرئيسية غالبا ستكون في تكوين الفص الأمامي للمخ والذي بدوره سيُحدد درجة تعريص الفرد الحامل لهذا الجين. الفص الأمامي الذي من أهم وظائفة إلاختيار بين متعدد و تحديد عواقب كل إختيار وكبت الأنفعالات و التصرفات التي يري أنها غير مناسبة اجتماعياً هذا بالإضافة لتحكمه في الحركة الإرادية و دورة في  الإحتفاظ بالذكريات ذات المدي الطويل. الفص الأمامي لذلك مهم في ما سيكون عليه "شخصية" حامله. ولنري أهمية وو ظيفة هذا الفص أنه في ثلاثينيات القرن الماضي بدأ إستخدام طريقة جديدة في معاجلة الأمراض العقلية المُستعصية أو حتي بعض المجرمين ذوي الخطورة العالية  عن طريق جراحة سُميت ب "لوبوتومي"(8) وتكون بفصل الجزء الأمامي للفص الأمامي عن بقية المخ عن طريق قطع الوصلات العصبية الواصلة بينهما وظلت تلك الجراحة مُستخدمة حتي تم اختراع مضادات الإكتئاب في الخمسينات فحلت محلها. الجراحة عملت علي "محو" الشخصية فغابت كل الأعراض و الوساوس والذُهان الذي كان يُعاني منه الشخص. لقد أزالوا "جوهر" شخصيته و لم يتبقي إلا الحُطام.

فليس أمامنا -مؤقتاً-إلا الإعتماد علي الأقوال و الأفعال لنري إذا كان هذا الشخص يحمل هذا الجين أم لا. فقد و قعت بالمصادفة علي هذا العبدالله (9) الذي غرد هذة التغريدة علي تويتر :

طبقاً له و هو "نايم واكل شارب" علي "أبواب" الفلوجة . انتهي كل شئ لقد إنقرض أعداؤنا و لم يتبقي منهم أحد وما حصار الفلوجة إلا خُدعة إعلامية لجعل التحالف يقصف ما تبقي من ذخيرته "لإستنزافه". يالها من عبقرية!!! نعم هي "عبقرية" التعريص. الحقيقة إن معظم الأخبار من هنا أو هناك أصبحت علي شاكلة هذه التغريدة مبالغة فجة و قميئة. لكن أنا مُتفهّم لماذا يقولون هذا فأنت لديك "مُتابعين" يُريدون أن يسمعوا هذا لو قلت غير ذلك لربما سبّوك أو حتي انصرفوا عنك. لابد من التعريص حسب طلب "المتابعين". ولا أستغرب فقد قرأت ما هو أعجب و أغرب كهذا العبدالله الاخر ذو الأفكار "العبقرية" أيضا عن استخدام "أقلام الليزر" لإيقاع طائرات التحالف أو ذلك الذي يدعوا لإستخدام "البلالين و المناطيد المتفجرة". ألا لعن الله الحمقي و المعرصين. الدولة الإسلامية لا تحتاج "لتعريصك" لنشر مشروعها وأفكارها بل تعريصك يأتي بنتائج عسكية لأنه ببساطة من تأليفك أنت. وستراهم غداً يرددون مقالتهم الببغاوية حينما تسقط الفلوجة "إن الدولة الإسلامية لا تُريد أصلا الإحتفاظ بالأرض يكفي ما قتلته و دمرته من جنود وآليات إنها الخطة العبقرية للإستنزاف". كالببغاوت يرددون بلا أي فهم.


إن اسلوب "ما يطلبه المُتابعين" ناجح جداً حتي بين ما يقولون عنهم أنهم حياديون و موضوعيون من عائلة الحاج كفتة الكبير كموسي و عصام و حامد كفته. ما يطلبه المتابعين هو ترديد ببغاوي لإكليشيهات وجُمل محفوظة عند كل حدث. وحينما تقرأ واحد منهم فكأنك قرأتهم كُلهم، وكأنهم شخص واحد لكنه يمتلك آلاف الحسابات. كُلاً حُر في ما يكتُبه و ما يقوله فإذا كانت هذه هي حدود ذكائكم و قدراتكم التعريصية فهنيئا لكم أيها المعرصون!!

إن إستراتيجية التحالف الذي أُنشئ بعد إعلان الخلافة كان ولازال هو الإستنزاف البطئ للدولة الإسلامية. كونك تعتقد أن العكس هو الصحيح فهذا شأنك. إن معظم هذا الخلط يأتي من عدم إدراكهم أن التحالف لا يهدف لإنهاء الوجود العسكري لمقاتلي الدولة الإسلامية بالكلية فهو هدف يحتاج سنوات طويلة(أطول من 3 سنوات التي أعلن عنها أوباما في نهاية 2014  مع بدأ تكوين التحالف للقضاء علي الدولة الإسلامية) و صعب تحقيقة ويحتاج  استراتيجة مختلفة. إنهم يريدون هدم "الدولة" بمعني أن لا يكون هناك أرض تُسيطر عليها و لا شعب تحكمه و لا مؤسسات تدير كل هذا. فنجدهم يستهدفون محطات الكهرباء و البنوك و الجسور. فبدون "دولة" يصبح خطر "الدولة" أقل بكثير بشكل يمكن احتوائه و تحييده مع الوقت. فتستطيع "الدولة" أن تضرب في بغداد و دمشق و باريس و لندن لكن مع الوقت سُرعان ما ستتحول إلي "تنظيم قاعدة" جديد.

ولهذا تراهم مثلا يدفعون بالآلاف "لتحرير" مدينة صغيرة كتكريت وليس المهم عدد القتلي المهم هو إستنزاف عدوك في معركة تلو الآخري. الدولة من جانبها لا تمتلك رفاهية "الأعداد" فعدد مُقاتليها محدود و هي قد بلغت أقص تمدد لها في محيطها السني العربي في كل من سوريا و العراق و تعتمد في هجومها علي أعداد قليلة لكي تُقلل حجم خسائرها البشرية قدر الإمكان  وتعتمد علي المفاجأة و الرعب الذي تثيره في نفوس أعداءها الذين يفوقونها عدد وعُدّة و لكن من هول الصدمة يكون الإنسحاب هو أقصر طريق و لو صمدت تلك القوات لما استطاعت تلك الإعداد الصغيرة تحقيق ما حققته رأينا هذا في الموصل والرمادي بشكل واضح. وقد حاولت الدولة تكرار ذلك  مثلا في الحسكة لكن لأن التركيبة السكانية هناك والعقيدة العسكرية مختلفة رأينا فشل تلك المحاولات. بشكل عام أين ما كانت الخطوة التالية للدولة الإسلامية فيجب أن تكون "كبيرة" و خارج كل الجبهات التي فرضها عليها التحالف.

في ختام خطوتنا الثانية أذكرك بأن "المُناصرة" لا تعني "التعريص" وكونك "تُناصر" الحق لا يعني أبداً أن "تُقلد" خرفان الإخوان أو عبيد السيسي أو إمعات شيوخ "السلفية".
=============================================================================
(1)علي هذا المنوال فالحمار حمار و البقرة بقرة و كل شئ هو نفسه وبالتالي لماذا نُحيّر أنفسنا ما كل واحد يخليه في نفسه!!
(2)لعلك سمعت أو قرأت تلك الجملة عشرات المرات لكن الله لا يوجد في الإنجيل فلا وجود فيه إلا ليسوع و أبيه و روحيهما المُقدس .المرة القادمة حينما تري تلك العبارة اضحك علي قائلها او كاتبها فقد أثبت أنه "طور الله في برسيمه".
(3)(يوحنا 3: 16) 
(4)لا نستطيع أن نجزم بأنه مجرد خطأ في الترجمة غير مقصود. الباب مفتوح للتكهنات والأمر يحتاج لدراسة وتحقيق .
(5)بعد حادث غرق الطائرة المصرية قام أحد الشيوخ علي قناته "الدينية" التي صدع دماغنا فيها بأن الديمقراطية حرام و الإنتخابات مانزلت في القرآن بعرض أغنية لمصر مصحوبة بصورة لجناح طائرة بجانبها صورة السيسي "المنتخب ديمقراطيا" ومكتوب تحتها قومي يا مصر و تكرر كل فترة في الفواصل.غالباً في المستقبل القريب سيصبح لفظ شيخ بديل عن لفظ عرص.
(6)وقد يسأل أنصار القاعدة كيف تقولون أن طالبان مُخترقون وهم يتم استهداف قادتهم و زعمائهم؟ أقول لك أن هذا من عبقرية هذا النوع من الإختراق أن تجعلك تسأل مثل هذا السؤال. العبرة ليست بكم قُتل من هذه الجماعة أو تلك أو "التضحيات " التي قدموها من أجل "القدس" العبرة بما يقولون و يفعلون لا بمَنْ قتل مَنْ.
(7)ممكن أن تسألني : و ما أدراك أنك أنت أيضا لست مُخترقاً فكرياً؟ أجيبك بأنه إذا إفترضنا أن ما تقوله صحيح فهذا يعني أن ما أقوله خطأ لكن بما أنك سلمت بأن ما أقوله صحيح فهذا يعني أن ما تقوله خطا و أنني لستُ مُخترقًا فكرياً .
(8)فيديو يوضح ذلك https://www.youtube.com/watch?v=_0aNILW6ILk
(9)لا يعنينا من يكون هذا العبدالله أو ذاك الكفته الآخر فأمثالهم هم القاعدة الآن .لذلك تم تمويه المُعرف و الصورة فتستطيع أن تضع ما تشاء و لن يتغير المحتوي علي أية حال.

هناك 4 تعليقات:

  1. السلام عليكم،
    لو سمحت هل فيه مصادر محايدة أو علي الاقل مصادر متنوعة أقرأ منها عن تاريخ إطلاق مفهوم الخوارج وتطوره، شكراً مقدماً

    ردحذف
    الردود
    1. وعليكم السلام: الحقيقة لا أعرف كتاباً يتناول هذا الموضوع لكن عموماً لن تجد كتاباً مُحايداً يتناول موضوع الخوارج لأنه حتي "الخوارج" أنفسهم يتبرأون من كونهم "خوارج" وماجعل للخوارج تلك "السمعة السيئة" ليس كما يُرّوج له بأنهم يُكفرون بالكبيرة أو كما جاء في الحديث"يمرقون-أي يخرجون- من الدين كما يمرق السهم من الرمية" أو أنهم "لا يجاوز ايمانهم حناجرهم" أو أنهم"يقتلون أهل الإسلام ويدعون الأوثان" فهذا ينطبق علي كثير من المسلمين وجيوشهم سواء قُدامي أو مُحدثين بل في أنّهم يرون الخروج علي الحاكم واجباً حال حياده عن جادة الطريق. عشان كده أفضل حاجة إن تقرأ كتاب بيتناول الموضوع كتحليل سياسي مش كحكم فقهي زي كتاب يوليوس ڤلهوزن - لاهوتي ومستشرق ألماني- تحت اسم "أحزاب المعارضة الاسلامية في صدر الاسلام" ترجمه د. عبد الرحمن بدوي وهتلاقي في الكتاب المصادر التي اعتمد عليها ڤلهوزن ممكن ترجعلها بسهولة

      حذف
  2. صدقت،هذا ما كان يريبني منذ سنوات فالذين يطلقون لفظ "خوارج" هم في الحقيقة ما يفعلون كل صفاتها،
    سؤال أخر، هل يوجد حساب أخر تكتب فيه عن مستجدات الأمور بجوار هذه المدونة؟ فلقد وجدتها منذ أيام فقط.
    أسأل الله أن ينفع بك، فأنت تحترم نفسك فيما تقول فالإنترنت أصبح يطفح بالمعرصين.

    ردحذف
    الردود
    1. مشكور لإهتمامك، لكني لا أمتلك أي حسابات أخري أكتب فقط -من فترة لأخرى- في هذه المدونة.

      حذف

..إنْ أردتَ أنْ تكتب تعليقاً مُفيداً ففكّر ثلاث مرات، مرة قبل كتابته ومرتين قبل أن تضغط زر إرسال