الاثنين، 26 سبتمبر 2016

البحث عن الجين المفقود 5


(5)


إن تلك الكلمات التي تقرأها صادرة عن كائن له إرادة ........ما رأيك في تلك العبارة أتبدو مُضحكة؟ لنغيرها إذاً..... تلك الكلمات التي تقرأها صادرة عن كائن بشري له إرادة .... مازالت تثير الضحك أليس كذلك؟! ...... تلك الكلمات صادرة عن انسان حر له إرادة ... ما رأيك الآن؟ أعرف تبدو مُبتذلة لكن المهم أنك فهمت ما أقصده. المشكلة في العبارة السابقة ليس في كونها فقط مُثيرة للضحك ولكن المُشكلة هي أننا لا نعرف بالضبط ما معني أن يكون الأنسان حُراً وما هي هذه الإرادة المزعومة التي يدعيها. نعم نحن نعتقد أننا نعلم لكن في الحقيقة وحينما نحاول وضع هذا تحت المجهر سنري أن كل ما نعلمه هو ما نعتقد اننا نعلمه وليس أكثر من هذا. في البداية سنُعرف ماذا أقصد بالإنسان الحُر وما هي الإرادة:

الإنسان الحُر: هو الإنسان الذي يُفكر ويقول ويفعل ما هو في حدود إمكاناته كانسان بدون أن تمنعه قوة داخلية نفسية أو خارجية مادية من هذا.
الإرادة: هي قوة داخلية محلها المخ وهي التي تدفع الإنسان لتحقيق شهواته ورغباته وآماله خيرا كانت أو شرا.

إذا كنت مُتفق مع هذين التعريفين فتستطيع أن تُكمل القراءة أما إذا كنت مُختلف معهما فتستطيع أن تتغاضي عن اختلافك وتكمل القراءة أيضاً. أولا بالنسبة لتعريف الإنسان الحُر الحقيقة أريد ان أقابل هذا الإنسان -إذا كان له وجود- فأمثاله نادرون جداً حتى من نُدرتهم يصعب عليك ان تتصور أن لهم أي وجود.

 ولكي نبدأ فهمنا لحُرية الإنسان لنتخيل الآن أنك استطعت اختراع آلة بسيطة ثابتة لا تتحرك "غاية وجودها" هو أن تفحص "وظائفها الحيوية" فمثلا في تلك الآلة دائرة الكترونية لفحص مستوي طاقتها وبيان حالة هيكلها الخارجي ودرجة حرارة مكوناتها الداخلية. كُل تلك المعلومات تُفحص من دائرة آخري وبناء على أوامر مُحددة سيتم تشغيل إما مراوح لتخفيض درجة الحرارة إذا كانت مُرتفعة أو إيقافها إذا كانت أقل مما هو مُحدد وإن كان مستوي طاقة البطارية مُنخفض سيتم السماح بشحنها أو العكس سيتم إيقاف الشحن وهكذا. ولكي نعرف "مستوي حرية" تلك "الآلة" سنقوم بتطبيق اختبار بسيط سنُسميه "اختبار المسئولية الاختيارية" وهناك مؤشر للحرية مُدرج من صفر إلي عشرة، وكلما زادت مسئولية الآلة عن أفعالها سيكون هذا مؤشر على مستوي حُريتها هذا في مُقابل المسؤولية السببية وهي علاقة العلة بالمعلول فارتفاع حرارة المادة لسبب أو لآخر يؤدي لاحتراقها. فارتفاع الحرارة هو علة الاحتراق. لكن ارتفاع درجة الحرارة "لا يختار" أن يُبرد المادة مرة ويحرقها مرة بل هو يحرقها دائماً.

مؤشر الحُرية لآلتنا يقف الآن علي الرقم صفر بما أنه لا شيء مما تفعله هي مسؤولة عنه ولو طبقنا اختبار المسئولية وافترضنا أن الآلة ونتيجة لخلل في دوائرها الإلكترونية ارتفعت درجة حرارتها بشكل أدي إلى احتراقها بل واحتراق المنزل المتواجدة فيها –الحمد لله نجونا أنا وانت لكي نستطيع مواصلة التجربة – فهل الآلة مسؤولة عن ذلك؟

الإجابة: نعم الآلة هي المسؤولة عن الحريق بلا شك لكنها مسؤولية سببية وليست مسؤولية اختيارية بل المسؤول عن الحريق هو أنت –بما أنك صاحب المنزل- فلم تُكلف نفسك على الأقل بتركيب جهاز انذار ضد الحرائق –اما بُخلاً أو فقراً أو غباءً- وبما أنك مُخترع تلك الالة فأنك أيضاً مسئول لأنك لم تأخذ في الحُسبان –إما جهلاً أو عن خطأ غير مقصود او أن تكون مُتعمداً- أن ترتفع درجة حرارة آلتك لدرجة احتراقها لتأخذ كل الاحتياطات من أجل ألا يصل الأمر إلى ما وصل إليه.

بما ان آلاتنا ثابتة في مكانها فغالبا لن تكون ذات فائدة فلنُعطيها بعضاً من "حُرية الحركة". سيكون لآلتنا الآن قدمين ويدين تستطيع ان تتنقل بحُرية وقد أضفنا لها عدة خصائص فتستطيع الان أن تحمل الأشياء وتغسل وتكنس وتمسح فلدينا الآن "خادم" مُطيع لا يعصي أمراً. وطورنا برنامجها فأصبح من ضمن الوظائف الحيوية التي يفحصها مستوي السائل الذي يستخدمه لتحريك مفاصله وكذلك بما أنه أصبح مُتحرك فأصبح لديه كاميرتين بمثابة عينين يستطيع أن يتعرف بهما على العالم من حوله  وميكرفون لالتقاط الأوامر و الأصوات وهذا سيتطلّب منا زيادة قدرة المعالج والذاكرة الخاصة بها لكي تستطيع ان تتعامل مع كل هذه المعطيات الجديدة.

آلتنا في خضم عملها الروتيني اليومي ونتيجة لنقص حاد في سائل الحركة حاولت أن تعوضه ففتشت عنه في أركان المنزل ونتيجة لخطأ لم نستطع تحديده بالضبط هل هو في برنامج الآلة أم في عدسات الكاميرا تعثرت وسقطت على القط "بسبس" مما تسبب بمقتله. فهل الآلة مسئولة عن مقتل القط "بسبس"؟

الإجابة: هي نفس الإجابة الأولي فآلاتنا مازال مستوي حُريتها صفر ومازالت أنت المسئول –بشكل غير مُباشر- عن مقتل "بسبس". لكن الشيء المُشجع أن آلاتنا أصبح لها "غايات" أكثر تعقيداً عن ذي قبل لكن ما زالت كل أفعالها مٌخطط لها سلفاً. لذلك علينا تعديل برنامج الآلة لنضع فيه بعض العشوائية وعدم التوقع فسنُضيف شريحة إلكترونية آخري ستكون أشبه "بفلتر"(1) هذا الفلتر وظيفته أن أياً ما كان على الآلة فعله طبقاً لبرنامجها فالشريحة الإلكترونية ستكون هي من يُقرر إن كانت الآلة تستطيع تنفيذه أم لا. "قرارات" هذه الشريحة عشوائية تماماً بمعني أنه ليس هناك أي معايير مُعينة سُيحدد بناءً عليها إن كان سيتم القبول أو الرفض. فمثلا لو أرادت الآلة أن تشحن طاقتها أو تملأ سائل الحركة أو طلبت أنت منها أن تمسح أو تكنس فقد يسمح الفلتر للآلة بهذا أو لا يسمح بدون أي "أسباب".

اليوم طلبت من الآلة أن تغسل ملابسك فوقفت أمامك بلا حراك ثم بعد عدة مرات من تكرار الطلب قامت الآلة بتنفيذ طلبك. ثم رأيت أن طاقة بطاريتها قد أوشكت على النفاذ ورغم ذلك لم تذهب إلى مصدر الكهرباء واستمرت في العمل حاولت أن تطلب منها أن تتوقف عن الغسيل وتذهب لشحن طاقتها لكنها استمرت في العمل غير آبهة بصرخاتك ثم بعد دقائق تركت حنفية الماء مفتوحة وذهبت لشحن طاقتها الآمر الذي تسبب في غرق القطة " بسبسة".

طبعا ما زلت أنت السبب غير المباشر عن كُل تلك "الجرائم"، لكن تجربتنا تلك نقلتنا خطوة للإمام –هذا مع شديد اسفنا لموت القطتين- فآلاتنا الآن تبدو ظاهريا وكأنها تمتلك نوعا من الإرادة ما زال بدائي جداً لكنه مهم. لنستمر الآن في تطويرها سنضيف ذاكرة آخري تحوي الأوامر والنواهي التي لا يحب أن تتجاوزها الآلة فمثلاً أي حيوان –انسان، بغل، قطة او حتى فأر-على مقربة منها يجب أن تحرص على سلامته وألا تتسبب أفعالها في أي ضرر له كما يجب تحديث الشريحة الأصلية لحاجات الآلة الأساسية من طاقة وسائل الحركة بأن تكون تلك الحاجات لها الأولية في التنفيذ حتى إذا تطلب الأمر خرق الأوامر والنواهي التي وضعناها لها لكن بشرط أن يتم هذا بدون أن يراها أي بشري في محيطها. بمعني أن تحاول الآلة خداع من حولها فمثلاً إذا طُلب منها أن تكنس وكانت تحتاج لشحن طاقتها عليها أن "تتظاهر" بتنفيذ الأمر وفي اللحظة التي لا يكون هناك أحد بجوارها تذهب لشحن طاقتها وتترك الكنس. كما أننا سنجعل الشريحة التي تُقرر للآلة أقل عشوائية فسيكون هُناك معايير ثابتة لرفض أو قبول تنفيذ أمر ما لكن سيظل هناك قدر من العشوائية بشكل يجعلنا غير متأكدين تماماً من "قرارها". فاذا كانت الألة في حاجة لشحن طاقتها فطبقا للشريحة والمعايير الموضوعة والتي تعتبر تلك حاجة أساسية للألة ويجب تنفيذها دون تأخير مع الآخذ بالإعتبار أن لا يراها أحد. أما إذا صدر للألة أمر بالغسيل أو المسح أو الكنس ففي تلك الحالة وباعتبار كُل تلك الأوامر ليست من الحاجات الأساسية فيمكن للشريحة أن تأخذ بالمعايير التي وضعناها لاختيار قبول أو رفض تنفيذ الأوامر أو أن ترجع الآلة إلى حالة العشوائية في اتخاذ قرارتها. الاختيار بين الأمرين سيكون أيضاً عشوائيا عن طريق دائرة منفصلة ستنشط حينما يكون الأمر ليس من الحاجات الأساسية.

لقد لاحظت شيئاً غريبا على الآلة اليوم حينما أصدر لها أمراً أصبحت تُنفذه مباشرة بعد أن كنت أحتاج لأكرره عليها عدة مرات والأغرب يبدو لي أنها لا تريد أي بشري بجوارها فهي تتعمد ان تبقي وحيدة. ولقد اكتشفت أنها أصبحت أكثر اهتماما بالقطط "بسابس" أبناء القتيلين بسبس وبسبسه. الحمد لله لم تحدث أي جريمة بسبب الآلة اليوم لكن آلاتنا ينقصها أن تتكلم لابد أن يحدث بينها وبين محيطها تواصل كما يجب أن نُغطيها بجلد يحمي هيكلها من الصدأ والأتربة كما يحتوي على مجسات تتعرف به على المثيرات القادمة عبر الجلد كالحرارة والبرودة وبناء عليها ستتحدد تصرفاتها فان كانت ما تلمسه سطح ساخن فوق درجة حرارة مُعينة فعليها مُباشرة أن ترفع يدها عن ذلك المكان وهذا الفعل لن يمر عبر شريحة اتخاذ القرار بل له دائرته الخاصة التي تتميز بسرعة خارقة.

آلتنا الآن تستطيع ان تري وتسمع وتتكلم كما انها تستطيع التعرف على محيطها عن طريق اللمس. لكن مازال الأمر كما كان منذ اختراعنا للألة الثابتة فمستوي حريتها صفر ومازالت أنت المتهم الأول في أي جريمة ترتكبها. لنحاول الآن أن نُغير هذا ونصنع شريحة تراقب وتقرر وتعدل في كل ما اخترعناه من شرائح حتى الآن، سنسميها شريحة التحكم الرئيسية.  فهي ستُحلل كل البيانات والقرارات والمؤشرات الحيوية والمشاكل ثم تتخذ قراراً بناءً على ما هو الأصلح للألة بأخذ كافة الاحتمالات في الحُسبان. فقد يتحرك مؤشر الحرية لو درجة واحدة لأمام.

 فلتطلب من الآلة أن تدهس القطط "بسابس" ولنري ماذا سيدور في "عقل" تلك الآلة "العمياء". بما أن الأمر ليس من الحاجات الأساسية للآلة فتم معالجته عن طريق شريحة القرار العشوائي التي وجهته إلى شريحة الأوامر والنواهي وبما أنه من النواهي عدم الإضرار بالحيوانات من حولها  فتم رفض الأمر. شريحة التحكم الرئيسية راقبت كُل تلك العملية وبدأت في حساب فوائد وأضرار قرار الرفض فوجدت أن هناك احتمالات كثيرة أهمها احتمالين: الأول أن تؤكد قرار الرفض باعتبار أن هذا هو ما هم "مكتوب" في شريحة الأوامر والنواهي وتكون الآلة قد قامت "بواجبها" كما ينبغي. الاحتمال الثاني أن تلغي قرار الرفض وتوافق على تنفيذ القتل باعتبار أنه في حاله رفضها لأمر ذلك البشري فقد يلقي بها في أقرب صفيحة زبالة بعيد عن مصدر الكهرباء و سائل الحركة الذي هو أهم حاجاتها الأساسية وبدونها تتوقف كافة شرائح الآلة عن العمل ولا تقوم "بواجبها" كما ينبغي. ولنري هذين الاحتمالين فلنفترض أن الآلة رفضت تنفيذ القرار. هذا هو ما نتوقعه باعتبار أنها "مُبرمجة" على ان لا تُسبب أي ضرر لمن حولها، إذا مؤشر الحُرية: صفر.

الألة نفذت القرار، هنا القرار –الي حد ما- غير متوقع لأنه يبدو أن الألة "خافت" على نفسها وفضلت "تنفيذ الأوامر" على أن "تموت".  لكنني لاحظت أن مؤشر الحرية اهتز للحظة وظننت أنه قد يُسجل درجة لكنه رجع الي الصفر مرة آخري وهذا يعني أنك أنت المسئول عن مقتل "أُسرة" القطط بالكامل. لكن آلاتنا صارت على أعتاب أن يكون لها مخاوف وآمال بدائية. فيجب أن نستغل هذا ونطور شريحة التحكم الرئيسية بأن نضيف لها مجموعة من المخاوف والطموحات فمثلاً الخوف من أن تفرع شُحنتها أو ينفذ سائل الحركة من البيت و الخوف من النار والاحتراق و الخوف من أن تُصاب بشحنة كهربائية زائدة أو يتخلل الماء أجزائها الإلكترونية. وأن تستعي داماً لتخزين كمية إضافية من السائل في مكان تعرفه لحين الحاجة اليه كما تعمل أن يكون هناك مولد كهرباء إضافي في حالة انقطع التيار الكهربي.

أظن أن الآلة مُستعدة الآن لتخرج إلى الشارع وتواجه الناس. لذلك من رأيي أن تذهب وتشتري لها بعض الملابس النسائية –بما أن الآلة مؤنث- ونعطيها اسما وليكن شريحة؟، لا هذا سُيثير ضحك الناس ومن الممكن أن يصيب آلاتنا "بالاكتئاب ". فليكن اسماً عادياً ما رأيك في فتكات؟ لا يعجبك ... طيب عدلات؟ .... طيب فلتقل انت ماذا نُسميها؟ تقول نُسميها "حُرّية". اسم جميل رغم أنها إلى الآن لا تملك منها شيئاً. فليكن "حُرّية ", وسنُعطيها غرفة خاصة بها ويجب أيضا أن نجد لها عملاً لكي تتكسب منه لكي تستطيع دفع فواتير الكهرباء وسائل الحركة وقطع الغيار هذا طبعا غير ملابسها التي ستحتاجها.

لقد مر شهر على عمل "حُرّية": فهي تعمل في مشغل لصنع الملابس من 8 صباحاً الي 3 ظهراً وقد اتصلت بصاحب العمل فأخبرني أن حُرية مثال الأخلاق والأمانة والشرف ويتمني أن لو كُل العاملات عنده بمثل كفاءاتها واخلاصها ....... لحظة سأكمل لكني اسمع رنين التليفون سارد وارجع لك..................لا حول ولا قوة إلا بالله، لقد صدمت "حُرية" سيارة اثناء خروجها من المشغل وهي الآن في المستشفى فقد فقدت الكثير من سائل الحركة. يجب أن أذهب لأراها.

منذ تعرضت "حُرية" للحادثة التي فقدت فيها أحد ساقيها وهي لا تعمل، فقط جالسة في حجرتها بجوار مقبس الكهرباء. لا يجب أن يستمر الوضع هكذا ففاتورة الكهرباء هذا الشهر كانت خيالية. يجب أن تبحث عن عمل والأفضل أن نتخلص منها ونلقيها بعيدا في مكان مهجور. فيجب أن نعترف بفشلنا وأنه مهما بلغ تعقيد آلاتنا وأضفنا مئات الشرائح والدوائر الإلكترونية فإننا لا يمُكننا أن نُحملها مسئولية أفعالها. فقرارتها وافعالها يمكن التنبؤ بها في حدود معقول جداً يبقي أنه من آن لآخر ستتصرف الآلة كما لو كانت لها "إرادتها" الخاصة كل هذا أيضاً لن يجعلها مسؤولة عن أفعالها لأنها ببساطة لا تُدرك وجودها أصلاً. إن ما أهم ما تفتقد له "حُرية" هو الوعي. الوعي بذاتها، الوعي بأنها موجودة، بأن تستطيع أن تكون هي نفسها تحت بؤرة هذا الوعي. بأن تري نفسها بمرآة وعيها. إن "ظهور" وعي الإنسان بنفسه وبمحيطه من تلك المادة الصماء التي تُحددها جينات موروثة لا دخل له فيها لأحد الألغاز الفريدة.

قرأت اليوم خبر تحت عنوان "مجنونة تدّعي أنها تشحن نفسها بفلوس سرقاتها" ويقول الخبر أنه تم القبض على امرأة تُدعي "حُرية" مُتخصصة في سرقة المحلات وأنها تقول إنها لجأت للسرقة بعد فشلها في الحصول على عمل لتستطيع "شحن نفسها" وملئ "سائل الحركة" وفي تفاصيل الخبر أفاد اللواء "عبد المأمور لهيطة" أنهم تعودوا على سماع ذلك من السُرّاق والحرامية بمحاولتهم ادعاء الجنون للهروب من المسئولية لكن هيهات.

إن كثير من البشر لا يتعدون أن يكونوا مثل "حُرّية" في أفعالهم وقرارتهم لقد قتلوا أهم ما يُميزهم : "الوعي " باستمرار تعاطيهم للمخدرات بكافة أنواعها سواء مادية أو فكرية لم يعودوا يسمعون صوت الوعي بداخلهم فأصبحوا آلات عمياء صماء غبية ولكن هذا لا يعني أنهم غير مسؤولون عنما يقترفونه، بل هم مُذنبون، مُذنبون بجريمة لا يُمكن أن يكون لها أية ظروف مُخففة لقد زيّفوا وعيهم فأصبحوا مسئولين عن كل ما يفعلوه حتى ولو كانوا يحسبون أنهم يُحسنون صُنعا.

في نهاية خطوتنا الأخيرة في البحث عن جين التعريص لابد أن تعرف أنه لا مفر، لم يعد هناك أي مكان للاختباء لقد أصبح المُعرصون في كل مكان لم يعد أمامك إلا ان تُصبح أنت نفسك مُعرصاً لكي تستطيع أن تواصل ما تبقي من حياتك البائسة، أيها البشري المسكين لا داعي للمقاومة استسلم فليس الأمر كما يصور لك وعيك "المريض", فالتعريص ليس رذيلة بل هو فضيلة سامية. هل يمكن أن يوجد انسان صادق بدون أن يوجد مُعرصون؟  هل يُتخيل وجود نبيّ بلا كُفار يُحاربونه؟ هل يُتصور أن يوجد طبيب بلا مرضي أو حتى مرضي بلا مرض؟! لولا التعريص لما احتمل انسان الحياة يوماً واحداً ولأدركت تلك المليارات حول العالم التي تسمع وتُردد وتُصدق وتكتب التعريص كم هم حمير أغبياء.  بالتعريص تُصبح الحياة وردية ويكون العرص حكيماً داهية، أما الغبي الأحمق فيكفيه ان يُردد كالببغاء ما يسمعه من المُعرصين الكبار وستجد الكل يمدح ذكاء قريحته وعبقرية أهله وعشيرته. فاذا أردت ان تعيش في سلام فالأمر سهل بسيط أرح دماغك من كُل ما قيل، كُن أعرص الناس تُصبح شيخهم وعالمهم ورئيسهم وسيدهم!!
******************************************************************************************************
 (1)على حد تعبير عرص مصر السيسي ولربما استطاعت المُخابرات المصرية المعروفة حول العالم "بمُعجزاتها" كرأفت الهجان وجمعة الشوان وحمادة العبيط الذين أرهبوا إسرائيل والعالم أن تطور هذه الشريحة ووضعتها في مخه لذلك تجده مُمتلئ عبقرية وحكمة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

..إنْ أردتَ أنْ تكتب تعليقاً مُفيداً ففكّر ثلاث مرات، مرة قبل كتابته ومرتين قبل أن تضغط زر إرسال