الاثنين، 21 مارس 2016

سنحيا كراما مُنتظرين مُخلصنا الزعيم.


إن الإنسان مُنذ فجرالتاريخ في بحثه عن العدل ظل ينظر إلي ظهور المُخلّص الذي سيملئ الدنيا عدلاً و مساواة . حيث ترعي الأسود و الغزلان جنب لجنب.و حيث تتحول الأرض الموحشة القاسية إلي فردوس مُورف الظِلال .إن أحد أهم ما فُطر عليه الإنسان هو توقه للعدل ورغبته الدائمة في القضاء علي الظلم ومحوه.

تلك الفطرة التي يتم تشويهها و طمسها مع استمرارالظلم والقهر فتري الناس يُسبّحون بحمد ظالميهم وتلهج ألسنتهم بالثناء علي سارقيهم  بل و في بعض الأحيان يطلبون من جلاديهم أن تزيد قوة سياطهم فهم يتلذذون بلسع السياط علي جلودهم. 

إن الشعوب المقهورة الذليلة يُصبح محور حياتهم هو ظهور هذا "المُخلّص" فتري كل أدبياتهم و أشعارهم وأغانيهم عبارة عن بُكائيات ولطميات و استجداء "للتعجيل" بظُهوره , ويُصبح حاضرهم سلسلة من القهر و الذل , فطالما لم يظهر المُخلّص فلا سبيل للفكاك من الظلم الواقع عليهم - هكذا يتخيلون - فلا يظهر مُخلّصهم ولا هم يُدركون أنهم  هم من عليهم تخليص أنفسهم.

فتجد تلك الشعوب تتفنن في صناعة الأصنام و التعاويذ و الأحجبة التي تستعين بها لقضاء حوائجهم , فهذا حجاب لجلب الحبيب و هذة تعويذة من العين و هذا صنم    لتفريج الكُرب و البلايا . إن قدرة الإنسان اللامحدوة علي استحمار نفسه لشئ يستحق ليس الإندهاش و التعجب بل لا يستحق إلا الإحتقار.

 "سنحيا كراماً" قالها مُخلّصاً جديداً ورددها وراءه قطيع من الحمير, تلك الحمير بعد هدم أصنامها القديمة سُرعان ما وجدوا في المُخلّص الجديد  بُغيتهم , فها هو أبو اسماعيل سيحقق آمالهم ويخلصهم مما هم فيه من بؤس و شقاء .

 لقد تحول "الداعية" في قناة الناس "الدينية" والذي لا تستطيع تمييزه عن يعقوب الأهبل أو الحويني العرص أو حسان الأُمنجي إلي مُخلّص. فأصبح لدينا مُخلّصين في مصر واحد للنصاري و العلمانيين و مسلمي البطاقة "السيسي الفادي" و واحد "للمتدينين المُعتدلين" "أبو اسماعين الحبيب"  نعم "فمشروع" أبو اسماعيل "الإسلامي" هو نفس مشروع الإخوان لكن مشروع أبو اسماعيل بنكهة "سلفية"اذا جاز التعبير. و يكفي فقط أن تتابع لقاءته  مع دجالي الإعلام المصري من ابراهيم عيسي و عمرو أديب إنتهاءً ب "لولا" و لميس لتري ذلك بسهولة.

 أبو اسماعيل إذا إخواني بلحية سلفية هو يقدم إسلاما "معتدلاً سلمياً  شيكاً"  إسلاماً عصرياً  "منزوع الدسم" .  فإذا كنت إخوانيا حماراً فأبو اسماعيل لديه ما يُقنعك به , أما إذا كنت "سلفيا" إمعة فتكفي لحيته "لتذوب فيه عشقاً".

المُخلّص الجديد لم يفعل شيئاً ,اللهم إلا بعض الجعجعات الفارغة في وقت كان الجميع "يُجعجع" بلا حساب . وبعض المُظاهرات "السلمية" ,و محاصرة مبني هنا أو هناك .دون طبعا أن يجرؤ علي إقتحامه  "بجحافل" عبيده و "أسلحتهم" ليُثبت صدق "رسالته" ,لا أبداً , فأبو إسماعيل ليس غبياً فهو يعرف إمكاناته و حدوده.

إن صناعة المُخلّص تُوجد حيث يكون القهر والظلم. فبالطبع إذا كان المجتمع عادلا حراً فما الداعي لصناعة واحداً . غالبا لو ظهرواحد في تلك المجتمعات سيضعونه في مشفي  الأمراض العقلية .لكن المشكلة ليست في المُخلّص ,المشكلة الحقيقة تكمن في عبيده الذين يحتاجون فعلا للفحص النفسي و العقلي.

إن بيئة القهر تُنتج كائنات مشوهة مريضة والتي تظل تُعاني في محاولة يائسة للتخلص من الظلم الواقع عليها لكن نتيجة لتشوهاتها تجدها تتخبط في محاولاتها تلك ,ثم سرعان ما تلجأ إلي المشعوذين و المُخلّصين المزيفين , الذين يخدعونهم واحد بعد الآخر ثم في النهاية -بعد أجيال- يكتشفون أنهم لابد أن يكونوا هم مُخلّصي أنفسهم ,في تلك اللحظة تنهدم دولة الظُلم حتي قبل أن يقوموا من مقاعدهم . فهم كانوا في الحقيقة أحد أركان تلك الدولة الرئيسية. 

ينتظر "أنصار" أبو إسماعيل و مُريدوه خروجه من السجن ليروا ماذا سيقول و يفعل. فهو مُنذ دخوله السجن قد أكلت القطة لسانه فصار أبكماً حتي حراسه و محاموه يتعاملون معه بلغة الإشارة ,و كأن سنوات من "هرتلته" لم تكن كافية ليكتشفوا أنه مُخلّص مُزيف , إن أنصاره غالبا حين يكتشفون حقيقته لن تهتز لهم شعره فهم إعتادوا الأمر .فحين تحطم صنم -لا مشكلة- فلتنحت صنماً آخراً ولتقدم له القرابين و النذور , وليس بغريباً فهناك أناس يعبدون الحجارة التي يتبول و يقيئ عليها الطير ثم لا تجد أن عابديهم قد لاحظوا أن "إلههم" قد أصبح مُغطي بمخلفات الطيور.فإنتظروا-يا حمير- فإنا معكم مٌنتظرون وسترون حينها كم أنتم أغبياء.

إن عُبّاد العجل أرادوا أن يكون لهم إله يرونه و يلمسونه فصنعوا لهم عجلاً يخور. و إن عبيد أبو إسماعيل "المُتدينين" لم يقتنعوا بفكرة أنه هم من يجب أن يتحركوا و يخلصّوا أنفسهم ووجدوها فكرة تُنافي ما رباهم عليه "دعاة" التليفزيون الذين يذكرونك كثيراً بقساوسة الكنائس الأمريكية في أسلوبهم و حركاتهم و طريقة "دعايتهم" فصنعوا لهم "عجلاً مسجون".للأسف لا أمل في هؤلاء سيظلون يتنقلون من عجل لآخر فما أكثر العجول.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

..إنْ أردتَ أنْ تكتب تعليقاً مُفيداً ففكّر ثلاث مرات، مرة قبل كتابته ومرتين قبل أن تضغط زر إرسال