الأربعاء، 18 نوفمبر 2015

الدولة الإسلامية العميلة

الدولة الإسلامية العميلة.

نظرية(*) المؤامرة .. و المرض العقلي.



في السطور التالية لن أحاول ان أدافع عن الدولة الاسلامية عما يقوله عنها أعداءها وحاسديها ومبغضيها من اتهامها بالعمالة لهذه الدولة او تلك فقد كتب الكثير في هذا الموضوع وبيّنوا تهافت هؤلاء و ركاكة منطقهم و فساد منهجهم لكني سأحاول أن أُبين لماذا يلجأ هؤلاء لنظرية المؤامرة و استخدامها في اثبات -كذباً و افتراءً- عمالة الدولة الإسلامية.

أولا: نظرية المؤامرة كمحاولة تفسيرية للأحداث والظواهر المحيطة بنا ليست نتاجًا ولا حكرًا علي منطقتنا العربية , بل هي ظاهرة عالمية موجودة في كل المجتمعات-بنسب مختلفة- المتحضرة منها والمتخلفة،  في بلاد صعدت الي القمر و في  مجاهل افريقيا،  يتبناها الكثيرون ممن حصلوا علي أعلي الشهادات العلمية و ممن يعتقدون بان القمر اكثر فائدة من الشمس لان الأول يُضئ الليل والثانية تظهر بالنهار.

ثانيا: لا أحد ممن يعتمد علي نظرية المؤامرة في تفسير الأحداث يعتقد  بصحة نظرية المؤامرة و هنا تأتي المفارقة العجيبة والذي يدل علي طبيعة البنية العقلية لهؤلاء والتي تعاني صدعا حادا في القدرة علي ادراك تناقضها الواضح .ان هؤلاء -في معظمهم- يعانون درجة من درجات الفصام العقلي.

ثالثا: يجب ان نفرق بين ثلاث فئات من أتباع تلك النظرية فهناك الذي يستخدمها فقط للتشويش او للتشويه مع علمه بان ما يقوله لا صحة له وهؤلاء قلة , الفئة الثانية هم من يعتقدون صحة ما يقولونه ويكون لديهم يقين بأن تفسيرهم هو التفسير الوحيد المنطقي ولا يتراجعوا عن موقفهم مهما قدمت لهم من الادلة والبراهين او اثبت لهم تناقض و تداعي تفسيرهم وهذه الفئة اكبرمن حيث العدد من الفئة الأولي ،  الفئة الثالثة هي اكبر الفئات عددا وهي تتكون من أُناس يرددون ما يسمعونه من الفئة الاولي والثانية ترديدا اعمي بلا أدني فكرة عما يعنيه كلامهم و إتهاماتهم.

لماذا اذا يستخدم هؤلاء نظرية المؤامرة؟
واحد من أهم اسباب استخدام هؤلاء لتلك النظرية هو قوتها التفسيرية-هذا بغض النظر عن خطئها- للاحداث التي تدور حولنا والتي لا نستطيع-او لا نريد - تفسيرها بدونها.

مثال بسيط للتوضيح: لماذا فشل الاخوان المسلمين؟

طبقا لأحد تفسيرات نظرية المؤامرة أن هناك خطة موضوعة من أمريكا وحلفاءها من أجل افشالهم تلك الخطة التي تجري في الخفاء استطاعت ان تُجند السيسي الخائن الذي استطاع خداع الشعب المصري وان يترقي في الجيش المصري رغم يهوديته الي ان وصل الي منصب وزير الدفاع علي أيدي الاخوان انفسهم ولكنهم كانوا يعرفون حقيقته ولذلك تركوه يفعل ما يريد لكي يري الشعب بنفسه خيانته وعمالته للغرب بل ان السيسي اليهودي قد قُتل علي أيدي شرفاء الجيش ولكن امريكا استطاعت ان تأتي بشخص آخر وعن طريق عملية تجميل دقيقة باستخدام آلات ومعدات طبية غير متوفرة للاطباء حاليا لانها سر من أسرار أمريكا التي لا يعرفها الا الرئيس الامريكي وعدد محدود من مساعدية ، استطاعوا ان يجعلوه نسخة مطابقة للاصل حتي أن زوجته واولاده لا يعرفون حقيقته، ولكي ينجحوا في اقرار قوانينهم التي تخدم مصالحهم ولتثبيت حكمه يقتل شبيه السيسي يوميا جنوده وضباطة باسم مجموعة يأتمرون بامره سماهم ولاية سيناء لخداع الناس و تخويفهم من الارهاب و الفوضي ان لم يستمر علي كرسي الرئاسة.

ولعدم الاطالة هكذا هي اذا آلية التداعي الحر لنظرية المؤامرة حينما يفشل احد التفسيرات استدعي الذي يليه ثم الذي يلية بلا نهاية, لذلك غالبا ما تنتهي تفسيرات تلك النظرية الي اللامعقول .فمن السيسي الخائن الي السيسي اليهودي الي السيسي  الميت الي "شبيه" السيسي.......... وليس مستبعدا بعد مقتل شبيهه ان يقولوا انه لم يمت وانه في غيبة صغري في سرداب في حارة اليهود.

سبب آخر مهم في استخدام هؤلاء لنظرية المؤامرة هو انها لا تتطلب اي قدر من البحث او المعرفة او التفكير، لانه في نظرية المؤامرة انت تبدأ من النهاية بمعني ان هناك حدث او ظاهرة او حتي خبر انت تسلم بصحته مُسبقًا و كل ما تريد فعله هو ان تضعها في إطار النظرية العام.

مثال: الدولة الإسلامية عميلة لإيران.

المفروض أن هذة العبارة تحتمل الصدق أو الكذب وبالبحث والدلائل وإعمال العقل تستطيع أن تكتشف-بكل سهولة- ليس كذبها فقط بل بالاحري سخافتها .
لكن في عقلية متبني النظرية  هذه العبارة هي عبارة يقينية لا تحتمل الكذب مطلقا و لو جئت له بجبال من الدلائل التي تنقضها لما اقتنع ولا تزحزح عن موقفه.لأنه في نظرية المؤامرة هذه العبارة ليست نتاج بحث و تفكير و مقارنة للادلة  بل هي جزء من أركان النظرية وبنيتها.

السبب الثالث  لاستخدامهم لها هو صعوبة نقض هذة النظرية لأنه بما انها لامنطقية و لامعقولة فاستخدام المنطق و العقل هو اضاعة للوقت و الدوران حول نفس النقطة في دوائر لا نهائية بلا أي تقدم وهو عين ما يريده هؤلاء .وهو ما تلاحظه بسهولة في النقاشات معهم.

مثال: حوار تخيلي بين  متبني النظرية  ولنسمية سيكو وبين آخر و لنسمية عقل

سيكو : ولاية سيناء صنيعة مخابراتيه.
عقل  : كيف هي صنيعة المخابرات وهي تقتل جنود الجيش و ضباطه كل يوم.
سيكو : هذا مجرد فيلم تصويري لا يوجد لا قتل ولا يحزنون مجرد تصوير سينمائي لخداع السُذج مثلك.
عقل  : كيف فيلم،  بقولك تم ذبح الجنود في سيناء ورأيته بأم عيني.
سيكو : وانا رأيته ايضا ولكنك غِر ساذج لو رأيت ظل الشمس علي الجندي المذبوح قادم من اتجاهين كيف؟ هذا دليل علي انهم داخل استديو وهناك مصدرين للاضاءة.
عقل  : طيب وقطع الرأس كان خدعة؟
سيكو: كل شئ عن طريق برامج الكمبيوتر ممكن تنفيذها ثم هو ليه ما جابش الذبح من الاول الي الآخر حصل قطع في الصورة وهذا دليل علي انه خدعة. 
يتم اعلان الحداد علي الجنود المذبوحة ويتم ظهور اهالي القتلي علي التلفزيون للتكلم عن ابنائهم.
عقل :  و هؤلاء كمان بيمثلوا انهم امهات واباء المذبحوين.
سيكو:  ممكن جدا ليه لا ولو فرضنا انه تم ذبحهم فعلا فهذا لا ينفي ان ولاية سيناء صنيعة مخابراتية.
عقل :  ازاي يعني،  انت مش كنت بتقول تصوير و خدع كمبيوتر.
سيكو:  نعم لكن ممكن كمان يكون السيسي قتلهم فعلا عن طريق ولاية سيناء عشان يخدع السُذج مثلك.
عقل :   يعني في حد عاقل يقول هذا،  هيقتل جنوده اللي بيحموه عشان ايه يعني؟
سيكو:  عشان يعلن حالة الطوارئ ويحط الناس في السجون بلا محاكمات.
عقل :   ما هو كده كده بيقتل اللي هو عايزه ويحبس اللي هو عايزه،  ما هي الفائدة انه يقتل الجنود وخصوصا هذا سيأثر علي موقفه اتجاه مؤيديه ويظهر عجزه وضعفه لداعميه في الخارج وسيؤثر علي الاقتصاد والسياحة.
سيكو:  انت لا تفهم شيئا في السياسة،  ولاية سيناء صنيعة مخابرتيه وبكره تشوف.
هذا الحوار ممكن أن يستمر اياما و ايام ولن يتقدم خطوة واحدة للامام لذلك الافضل انهاءه  ونلاحظ انها بدأت بجملة ولاية سيناء صنيعة مخابراتية وانتهت بنفس الجملة.

سبب آخر أخير في استخدامهم نظرية  المؤامرة هو انها تجعلك دائما علي حق،  اينما تولي وجهك فانت علي الطريق الصحيح  وبالتالي فلها أثر نفسي كبير في ان تجعل مُتبنيها دائما راضيا عن نفسه شاعرا بتفوقه-الكاذب- كما انها تزيح عنه تحمل المسئولية فبما انه هناك مؤامرة عالمية كونية لافشاله فما العمل اذا الا التسليم والانتظار لعل و عسي يهبط المُخلص وينقذه مما هو فيه( كما ينتظر الاخوان شرفاء الجيش او رضي أمريكا او حتي رضي "شبيه" السيسي)

اخيرا مُتبني نظرية المؤامرة هم بين مشوه متعمد وبين مريض عقلي وبين ببغاء بشري والثلاثة لا يستحقون عناء الرد عليهم،  فالاول يستحق رصاصة او سكين،  والثاني ان يوضع بمشفي المجانين وحينما تتخلص منهما سيخرس الثالث.
-------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
(*) تستخدم كلمة نظرية هنا تجاوزاً فهي ليست نظرية بالمعني العلمي الدقيق بل معناها هنا أقرب الي الاستخدام الدارج لها بمعني وجهة نظر أو رأي.

------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

..إنْ أردتَ أنْ تكتب تعليقاً مُفيداً ففكّر ثلاث مرات، مرة قبل كتابته ومرتين قبل أن تضغط زر إرسال