الجمعة، 27 نوفمبر 2015

‮نموت ... نموت ... و يحيا الوطن .

‮نموت ... نموت ... و يحيا الوطن .



‮الوطن كلمة نسمعها من لحظة ولادتنا بلايين المرات, ولا نتوقف عن سماعها -مجبرين- الا حين يوارينا الثري,  حتي من كثرة تكرارها أصبحت مادة للتهكم والسخرية..  فلا تسمع أحد يرددها الا علمت انه منافق حمار او عميل غبي،  فالوطن لا يُستخدم الا حين يراد ان تَسكت الالسنة  عن قول الحق،  او أن يُسرق ما تبقي من مالك ،  او ان تُجند فتُسرق سنوات عمرك في سبيل الدفاع -لا عن الوطن لا سمح الله-  بل عن من يحكمون الوطن. فالوطن اصبح عنوانا للسرقة, سرقة  المال و العمر او حتي العقل اذا كنت من اصحابه..تلك الكلمة الملعونة اخترعها ابليس من الإنس لكي يستعبد بها البشر،  وويل لك اذا مسستها بسوء فحينها ستكون خارجيًا عفنًا،  او عميلا قذرًا، او مجنونًا خطرًا. 

‎‮يقول فحل شعراءهم أحد عبيد الوطن:
 وطني ولو شغلت  بالخلد عنه .....  نازعتني إليه في الخلد نفسي.
 هذا كلام فحلهم فما بالك لو سمعت جحش من جحوشهم.‮الوطن كلمة سحرية،  تُقدس كل ما تمسه, اقرن اي كلمة بها لتري بنفسك قوتها السحرية،  اذا أردت ان تجعل شيئا مقدسا ما عليك الا ان تُقرنه بها،  ويكون لديك مقدسًا جديدًا لا يجرؤ أحد علي المساس به.او الاقتراب منه او تدنيسه.

إقرن الوطن بكلمة جيش،  فيصبح لديك جيش الوطن.. أي الجيش الوطني  الذي يحمي الوطن -لا تعرف من ماذا او ممن فتاريخ وطنهم عبارة عن احتلال يعقبه احتلال- المهم انه يحميه, والجيش رمز الوطن وكرامته من كرامة الوطن ومن يعيب في الجيش فكأنه عاب الوطن، اتتجرأ أنت يا إمعة أن تعيب الوطن،  يالا الكارثة , انك غير وطني ، خائن، لا تستحق ان تشرب من نيله ولا ان تأكل من ارضه،  اذهب عليك لعائن السماء،هكذا يصرخ الوطنيون.

‎‮الوطن هو الجيش والجيش هو الوطن - في النهاية ماذا يساوي الوطن بلا جيش-  يُستخدم احدهما ويراد به الآخر . أُلِفتْ مئات الاغاني للوطن-الجيش يرددها الناس كأنها قرآنا منزلا لا يجب أن تلحن في نغماتها  ،  أُخرِجت وأُنتِجت عشرات الأفلام والمسلسلات عن عبقرية وقوة و براعة الوطن-الجيش،  يُشاهدها  الناس كأنها حقائق تاريخية لا تقبل النقاش أو الجدل. تقرأ وتسمع وتري بطولات زائفة للوطن-الجيش فتلوكها الألسن باعتبارها معجزات خالدة لا نظير لها في تاريخ البشرية.

‎‮منذ صغرك تسمع عن بطولات هذا الجيش حتي يُخيل اليك انهم ليسوا بشرًا بل  اسودًا أو كائنات فضائية, تنازلت وقبلت ان تُكّون جيشهم،  ثم حينما تكبر وتبحث عن تلك البطولات تصاب بالذهول والصدمة،  فما اعتقدته أسداً ليس الا ظِل فأر ميت،  وما تخيلته كائناً فضائياً, ليس الا  قردًا يرتدي البزة العسكرية.
‎‮تحاول أن تناقش او تحاور عبيد هذا الجيش عن سرهيامهم به, وهو سبب رئيس في فقرهم وذِلتهم وهوانهم علي الناس. فلا تجد منهم إلا ترديد لاسطوانات ممجوجة مكررة بلا معني،  تطلب منهم أدلة و ارقام -لعلهم يدركون جهلهم وحماقتهم- عن انجازاته و بطولاته فلا تجد منهم اي رد, اللهم الا اسطوانة حرب اكتوبر المجيدة -رغم انك لا تعرف ما المجد فيها-... تقول لهم هل يُعقل (نعم يعقل اذا كنت حمارا) ان جيشًا كل تاريخه "المجيد" هو معركة لمدة ثلاثة اسابيع لم يخرج حتي فيها منتصرا.. فلا تجد الا صيحات الاستهجان والاتهام بانك لابد اسرائيليا مندسا، مع أن جيشهم نفسه قد عقد مع اسرائيل سلاما أبديا. ويظلون يرددون في هيستريا:" مَنْ يمس الجيش ,يمس الوطن."

إقرن الوطن بكلمة رئيس يصبح لديك رئيس الوطن،  أي الرئيس الوطني المهموم بقضايا الوطن،  الساهر علي حلها،  المُضحي من أجل الوطن وابنائه، الذي يبذل كل غالي و رخيص - وما اكثره- من اجل رفعة و تقدم الوطن. الي آخر الاسطوانة المحفوظة في اوراق البردي الفرعونية.
‎‮الرئيس رمز الوطن وفخره،  هل يساوي الوطن شيئا بلا رئيس،  هل يكون وطننا وطنا بلا رئيسنا المحبوب،  هل نتخيل العيش اذا مات ، الوطن هو الرئيس، ومن يعيب الرئيس يعيب الوطن ، الرئيس لا يُمس،  فالرئيس هو الأب للبعض، وللبعض الآخر هو الآب يسبحون باسمه لكي يرضي عنهم. يسألونك أترضي أن يسخر أو يشتم أحد أبيك،  ان كنت لا ترضاها لأبيك فما بالك برئيس الوطن.

‎‮تناقش عبيد الرئيس عن سر عشقهم له، وهو الذي يجلدهم ليل نهار، ويسرق قوتهم و قوت عيالهم لصالح شرذمه قليلين ، فتسمع ردود عجيبة من أن الرئيس سيجعل الوطن جنة علي الارض،  وان العسل و اللبن سينسابا بديلا عن النهر ، وان كيلو اللحمة سيكون بجنيه،  والفرخة بربع ,و أن أمريكا تهتز رعبا من نظرات عينيه،  و العالم ينتظر اشارة من يديه، وان الملائكة تحوطه من كل جانب خوفا عليه، ويستمروا في هذا الهذيان رغم انهم يعلمون ان كل هذا كلام عبيط ،  وان الهُبل -هم يعلمون هَبلهم- فقط  من يُصدقونه ، ولكنه الخوف من ان يعيبوا الرئيس، أن يعيبوا الوطن.

‮وقس علي ذلك فاقرن أية كلمة تشاء بالوطن
إقرن الوطن بكلمة حزب.
إقرن الوطن بكلمة مشروع.
إقرن الوطن بكلمة  حضن.(من اقوال السيد الرئيس الخالدة الوطن يعني حضن كخطوة لجعل الحضن مُقدسا).
كم مرة إستغفلوك بإسم الوطن . كم مرة سرقوا مالك بإسم الوطن . كم مرة اغتصبوا و انتهكوا عِرضك بإسم الوطن . كم وكم يا عبيد .فلا عشتم ولا عاش الوطن.


 دائما ما كنتم ترددون -أيها الوطنيون- بالروح بالدم نفديك يا وطن، يا جيش، يا رئيس.... ولا تعلمون انكم تقولون الحق من حيث لا تعلمون , فلكي يستمر هؤلاء لابد فعلا أن تموتوا أنتم،  فالوطن ليس أنتم ,و الجيش ليس أنتم،والرئيس ليس أنتم.  أنتم سبب وجود هؤلاء وو قود استمرارهم.... فموتوا لكي يحيا الوطن، موتوا فقد سئمناكم أنتم و وطنكم وجيشكم و رؤسائكم. فموتوا يا عبيد الوطن فأنتم لا تستحقون الحياة .

--------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

..إنْ أردتَ أنْ تكتب تعليقاً مُفيداً ففكّر ثلاث مرات، مرة قبل كتابته ومرتين قبل أن تضغط زر إرسال